خريطة” إيمولا” لدافنشي خطوة مذهلة في تطور رسم الخرائط على مستوى العالم
كتبت/ نهاد الشيمي

خريطة” إيمولا” لدافنشي خطوة مذهلة في تطور رسم الخرائط على مستوى العالم
خريطة” إيمولا” لدافنشي خطوة مذهلة في تطور رسم الخرائط على مستوى العالم
يمكن ملاحظة التناسق الكبير بين خريطة دافنشي وخريطة المدينة الايطاليه ذاتها بالأقمار الصناعية
في عام 1502، توجه دافنشي للإقامة تحت رعاية السياسي سيزار بورجيا، وهو جنرال ورجل دولة له طموح سياسي كبير.
حتى أنه كان أحد الذين ألهموا “ميكافيلي” لكتابة مؤلفه الشهير “الأمير”، حيث عمل دافنشي لدى بورجيا بوصفه مهندسا عسكريا.
وكان بورجيا الذي استطاعت قواته دخول مدينة “إيمولا” يرغب في الإحاطة بكل تفاصيلها حتى يستطيع تحصينها عسكريا
لذا قام بتكليف دافنشي برسم خريطة للمدينة تساعده في الإلمام تفاصيل لمدينه “إيمولا”.في عام 1502، رسم ليوناردو دافنشي أول منظر جوي “منظور عين الطائر” Bird’s-eye view لمدينة إيمولا.
ويعتقد المؤرخون أنه جمع البيانات على الأرض من خلال البدء من نقطة مركزية ثم استخدام البوصلة وعداد المسافات Odometer لقياس الشوارع والمعالم.
وباستخدام الهندسة، تمكن بعد ذلك من ملء بقية الخريطة.وتظل الخريطة دقيقة بما يكفي حتى تمكن السائحين في زماننا هذا بالتنقل بحرية في المدينة الإيطالية.
كانت خرائط المدن في القرن السادس عشر تميل إلى أن تكون رمزية، مستندة إلى تضخيم حجم المباني الدينية، لكن “خريطة إيمولا” لدافينشى حطمت تلك المسلمات بشكل جذري.
وبهدف علمي يجعل من الخريطة تقترب من الواقع على الأرض لتكون ذات فائدة عملية أكثر.
ولا تزال قياسات ليوناردو صحيحة وفقًا للمؤرخين والمساحين، ولايزال من الممكن إستخدام “خارطة إيمولا” للتنقل في المدينة بعد خمسة قرون من رسمها.
ويعد النوع الأكثر شيوعا لخرائط المدن حاليا هو “خرائط جوجل”، والتي يتم تصويرها من أعلى حيث تبدو لقطة الكاميرا متعامدة فوق المباني تماما، وهي خرائط لا يمكن الحصول عليها إلا عبر الأقمار الصناعية
حيث تساعد تلك الخرائط الزوار الجدد لأي مدينة في التعرف على مخططها بالكامل والاتجاهات فيها، إلا أن المفاجأة أن هذا النوع من الخرائط لم يظهر فقط مع إختراع الأقمار الصناعية
حيث سبقنا إليه الفنان والمخترع الإيطالي “ليناردو دافنشي” قبل ما يزيد على خمسمائة عام، بخريطة لازالت تثير حيرتنا حتى الآن
فقد استطاع دافنشي رسم خريطة تعرف حاليا بـ”خريطة دافنشي” لمدينة إيمولا الإيطالية، بتقنية رسم شبيهة بتقنيات التصوير الجوي التي تلتقطها الأقمار الصناعية اليوم
وهي خريطة رسمها في أواخر سنواته، ولكن قبل أن يبدأ في رسم لوحته الأشهر “الموناليزا”، فكيف استطاع ليوناردو دافنشي أن يرسم هذه الخريطة الرائعه المحيرة؟
وفي سبيل رسمه لهذه الخريطة، إستخدم دافنشي تقنيات مسح متطورة بالإضافة إلى خياله الفني الفذ الفريد. ليخرج خريطة شديدة الشبه وبمقاييس دقيقة كتلك التي نجدها في الخرائط التي تصورها الأقمار الصناعية على موقع جوجل إيرث.
الخريطة تعتبر حاليا خطوة إلى الأمام في تطور رسم الخرائط، حيث حولت رسم الخرائط من مجرد فن يعتمد على الإبداع والخيال، إلى وسيلة معلوماتية دقيقة تعتمد على القياس يمكن الاستفادة منها عمليا.
والخريطة إعتبرت خطوة مذهلة في تطور رسم الخرائط على مستوى العالم فقبل خريطة “إيمولا” كانت الخرائط ترسم بزوايا “عين الطائر” من أعلى ولكن ليس بمسقط رأسي
وكان راسمو الخرائط لا يلتزمون الدقة في مقاييس الأماكن ونسب المباني والشوارع وما إلى ذلك، وكان يتم التركيز على إظهار الخريطة في شكل جمالي فني أكثر منه في شكل علمي معلوماتي دقيق.
أما خريطة دافنشي فقد أظهرت تناسب شديد الدقة بين المسافات وأحجام المباني وتناسق واضح طبقا للمنظور الأفقي الذي التزمه في الرسم.
ونتيجة إبتكاره وذكائه الحاد، استطاع دافنشي أن يرسم تلك الخريطة قبل مئات السنين من إختراع الأقمار الصناعية التي أثبتت صحة ودقة حساباته
حيث يمكن ملاحظة الشبه الشديد بين خريطة دافنشي وبين خرائط جوجل للمدينة ذاتها، هو شبه لا يصل إلى مرحلة التطابق بنسبة 100%، ولكنه شبه شديد كافي لإثارة ذهولنا.
خريطة” إيمولا” لدافنشي خطوة مذهلة في تطور رسم الخرائط على مستوى العالم
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.