قصائد شعرية وأدب

قصة قصيرة بعنوان: رسائل القمر د. إسراء محمد عبد الوهاب

قصة قصيرة بعنوان: رسائل القمر د. إسراء محمد عبد الوهاب

قصة قصيرة بعنوان: رسائل القمر

د. إسراء محمد عبد الوهاب

ليلة دافئة تحت القمر الغارق في سماء ملبدة بالغيوم، يجلس ياسين وشروق على الرمال، تحيط بهما النخيل، وتضيء وجهيهما أنوار القمر الخجول.

تلك الليلة لم تكن عادية، بل هي موعدهما الأخير قبل الرحيل، حيث قررت شروق السفر لدراسة علم الفيزياء في بلد بعيد.

ينظران سويًا إلى الأعلى، ثم تلتفت إليه وتتأمله، فتجده شارد الذهن، ذو لمعة عينين حزينتين.

حبيبي…

لم يلتفت ياسين إلى شروق، وتحدث بصوت حزين:

هل السفر سوف يُنسيكِ ياسين؟

أمسكت يده:

وهل لي بنسيان شخص أحب إليّ من ذاتي؟

التفت نحوها وقبّل رأسها:

سوف أشتاق إليكِ جدًا، وسأظل أدعمك إلى نهاية الأمر.

يبتسم لها:

لن أقول “أحبك” هذه المرة، فهذه الكلمة ما عادت تكفي لوصف شعوري تجاهك، يا شروق حياتي.قصة قصيرة بعنوان: رسائل القمر  د. إسراء محمد عبد الوهاب

تبادله الابتسامة الهادئة وتنظر إلى الأعلى، تتأمل القمر الغارق في الغيوم، حيث تؤمن أن القمر يحمل الرسائل للعشاق، فتطلب من ياسين سرًا في خاطرها أن ينظر إليه كلما اشتاق إليها ويرسل للقمر كلماته؛ فتهمس له الرياح بطلبها، ويبتسم، بينما يدرك أن الوداع سيكون رحلة ألم حتى اللقاء، وتبدأ رحلة التعافي وتزدهر الحياة من جديد.

قبل أن يرحل، يكتب لها خطابًا ويعلقه على إحدى النخلات، ويأخذ منها وعدًا أن تقرأه حين تعود مباشرةً. وبعد أعوام، تعود شروق وترى رسالته، وتعرف أين وضعها.

تقوم بفتحها: لم يرحل بعيدًا، وما زال على نفس العهد رغم غياب الأعوام المريرة، منتظرًا أن يلتقيا من جديد تحت القمر، بين النخيل.

تلمح خطابًا آخر بجانبه، وتقوم بفتحه، فتقرأ الرسالة الأخيرة المحفورة بآثار دموعه، يشكو من مرض السرطان الذي اكتشفه في مراحله الأخيرة، ويطلب منها، إن وافته المنية، أن تُكمل حياتها وطريق نجاحها، أن تكون سعيدة كما هي، حتى يكون سعيدًا.

“رجاءً، لا يصيبك الحزن ولو لحظة، ولا تخافي، لستِ سببًا في أي شيء، أنا فقط كنت الأضعف، لكنك الأقوى، وعلى ثقة أن اشتياقك لي كان حافزًا لكِ.”

بيدٍ ترتعش، تمسك الجوال وتهاتفه، وبصوت يرتجف:

ألو…

شروق؟

ماما… أين… أين ياسين؟

ابني عاش فترة طويلة من ألم الفقد.

بدأ صوتها يتحول إلى بكاء صامت:

أين هو يا أمي؟

لقد مات، أوصاني فقط أن تفعلي بوصيته الأخيرة… كوني سعيدة، يا ابنتي.

يسقط الهاتف من يدها، تنظر إلى القمر بعتاب، تسيل دموعها كشلال، يرتجف بدنها حتى سقطت أرضًا… ولحقته.

 

 

قصة قصيرة بعنوان: رسائل القمر

د. إسراء محمد عبد الوهاب


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Nasser Eldesoky

ناصر الدسوقي شاعر فصحى وعامية صاحب ومؤسس صالون العقاد الثقافي الفائز بلقب شاعر الشرق على مستوى الوطن العربي عام ٢٠٢٠ كاتب وشاعر وعضو مجلس إدارة بجريدة المساء العربي صدر لي ست دواوين حتى الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading