
مجاملات مزيفة بين الشكل والمضمون
معظم البشر ينظرون إلىٰ المظاهر والشخصيات البارزة المشهورة وبالأخص الشخصيات الذين يحصدون المناصب والرتب فى جميع المجالات فيتبعون هولاء بلاشك
دون النظر إلىٰ الأعمال الذين يفعلوها تلك الشخصيات
ليس عيباً ولا ذنباً أن نتابعهم ولكن ينبغى أن نفرز الأعمال والأفعال الذين يقومون بفعلها هولاء الشخصيان العامة البارزة المشهورة والمعروفة فى كافة المُجتمعات علىٰ مستوىٰ العالم أجمع
فنتمسك بالأعمال القيمة المفيدة التى تعود بالنفع علينا وعلىٰ أنفسنا وعلىٰ أولادنا وبناتنا والمُجتمع ككل
لأن الأغلبية العظمىٰ من البشر علىٰ مستوىٰ العالم ينظرون إلىٰ الشخصيه البارزة التى حصدت الكم والكيف من شهرة او منصب فصارت أسماء لامعة مشهورة فى الكثير والعديد من المجالات المُختلفة فى كافة التخصصات فى سائر الحياة علىٰ كوكب الأرض بأكلمه
فالإنسان مُنذ القديم وحتىٰ الآن ينظر إلىٰ الشخصيه ولا ينظر إلىٰ الأعمال والأفعال التى تصدر عن الشخصية محل إهتمامهم، بل تكاثرت هذه الظاهرة بكثرة فى وقتنا الحالى، وبالتحديد فى أواخر القرن العشرون الذى مضىٰ وحتىٰ القرن الحادى وعشرون ونحن علىٰ قرب من حلول القرن الثانى وعشرون
كما أن أصبح الإنسان ينظر إلىٰ الشخصية دون النظر إلىٰ الأعمال والأفعال القيمة التى تحدد مضمون الشخصية
فهناك ظاهرة ملحوظة واضحة تحدثت فى هذه الفترة الحالية وبالأخص فى المُجتمع المصرى والعربى، وهى أن الشباب والأطفال والبنات ياخذون هولاء الشخصيات البارزة قدوة لهم فى حياتهم
فيقومون هولاء النشئ الجديد والأجيال الصاعدة بتقليد أفعال وتصرفات الشخصيات المعروفة فى المُجتمع التى تمثل لهم القدوة والقيمة والقامة لديهم فى كافة المجالات والتخصصات سواء كانوا
(فنانون_لاعبين كرة_مصارعين_ مطربين_رجال أعمال_سياسيين_راقصين_إلخ)
بالرغم أن معظم هذه التصرفات او بعضها بل شبه أن تكاد الأغلبية منها تخالف العرف والدين والأخلاق والمبادئ السامية والعادات والتقاليد التى نشأنا عليها مُنذ الحداثة
كذلك صرنا نقوم بمساندة أشخاص بعينها ونجامل بعض الشخصيات علىٰ حساب شخصيات اخرىٰ مغمورة لاتحصد نفس قدر الشخصيات العامة
لأننا أصبحنا ننظر إلىٰ الشخصية والشكل والمظاهرات التى معظمها تكون خداعة كاذبة ولا ننظر إلىٰ الأعمال القيمة المفيدة والأشياء التى تستحق الدعم والمساندة وتقديم الدعم ولهم وتحفيزهم من أجل مواصلة ما يفعلون من أعمال نبيلة تعود بالنفع علىٰ الإنسان وتقدم رسالة وهدف منشود
علىٰ سبيل المثل إذا تحدث شخص مشهور عن شئ ولا يعبر عنه بشكل جيد او تعبير أقل من تعبير شخص أخر ليس معروف ولا يحصد الشهرة ولا أحد يعرف عنه شئ
مع الأسف فى هذه الحالة يقوموا البشر بمجاملة الشخص المشهور علىٰ حساب الشخص الأخر وذلك لأنه مغمور او أقل شهرة من الشخص المشهور
فلذلك لأن الإنسان مجامل بطبعه، فالمجاملات ليست محرمة ولا عيب، ولكن لا تصح أن تكون تلك المجاملات علىٰ حساب الحق وتطبيق العدالة وظلم البعض من البشر فتكون هذه المجاملات فى مُحصلتها مجرد مجاملات مزيفة ليست لها علاقة بالمنطق ولاتسعىٰ إلىٰ التقدم ولا تقدم النفع للمُجتمعات فى النهاية
حيث أن النجاح ليس له علاقة بالمنصب او الشهرة او السن والعمر او الشخصية التى تعمل ذلك، فالنجاح يأتى من الأعمال والأفعال التى تعود بالنفع علىٰ المُجتمع والأفعال الرشيدة التى تحمل رسالة وهدف مرجو
كما أن هناك ظاهره جديدة صارت منتشرة فى المُجتمع بشكل طاغى مع الأسف فى وقتنا الحالى، وهى أننا أصبحنا نشاهد ونتابع الأعمال الهابطة والأحاديث المُخللة التى يرويها ويفعلها الرويبضة
فصار شبابنا فى المُجتمع ينظرون إلىٰ ما يسمىٰ ب «التريند» وليس النظر إلىٰ الأشياء الصحيحة والأعمال القيمة
وذلك بسبب فقدان ثقافة الحوار بين الاسره وكذلك غياب الاسوة الحسنة لهم
فمع الأسف لأن أولياء الأمر ذاتهم هم أيضاً ينظرون إلىٰ الأعمال الهابطة وكيف هم يصيرون تريند
هنا تذكرت مقولة الفيزيائى الاسترالى ألان هيد حينما قال
«ينبغى أن ننظر إلىٰ ما ينفع البشرية، فلا ننظر إلىٰ المظاهرات الخادعة بل ننظر إلىٰ الجوهر»
مع الأسف الإنسان صار يبحث عن الامور المُبتزة والتصرفات الرديئة والأعمال الهابطة ويقارون بين العُلماء والشرفاء بالمنحلون
فيقارون بين الآطباء ومُطربى المهرجانات، وبين العُلماء والراقصين وبين المدرسات والعوالم مع الأسف الشديد
حيث أن الأطفال والشباب والشابات والنشئ الصغير يفضلون مُطربى المهرجانات وينظرون إلىٰ التريند فقط
فهولاء بكل أسف صاروا قدوة لشبابنا وذلك لأسباب كثيرة وأبرزهم غياب القدوة الحقيقة ولغة الحوار بين الأباء والأبناء
وعدم الترابط السرى أولاً
ثانياً بعد هولاء الشباب عن الدين واصول التعليم الدينية السليمة وأداة العباد للّٰه بشبه إنتظام علىٰ الأقل
ثالثاً إختفاء المحبه والمودة والرحمة التى تربينا عليها بسبب تدخل مبدأ المصلحة والمنفعة الشخصية فى علاقتنا
فى ذلك الحين تذكرت قول الكاتب الألمانى جودا حينما قال
«إذا غابت المحبه غاب كل شئ عظيم وجميل»
رابعاً المجاملات المزيفة لبعض الأشخاص لعدة عوامل كصلة القرابة او مصلحة شخصية او صيت وشهرة او التقرب من أصحاب النفوذ والمناصب
كما قال عميد الأدب العربى دكتور طه حسين
«ينبغى أن ننظر إلىٰ مضمون الشخصية بأعمالها دون النظر إلىٰ الشخصية ذاتها، حتىٰ لو كانت تلك الشخصية هى طه حسين»
كذلك قال الزعيم الهندى ألمهاتما غاندى
«حقيقة القول والحديث والفعل، والنظر إلىٰ الأعمال القيمة وتجنب المجاملات المُزيفة تحقق السمو لدىٰ أى مُجتمع»
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.