رسالة الى سدنه العلم فى بلادنا
بالأمس كنت ممن تشرفوا بحضور مناقشة رسالة للدكتوراه بأحد صروح العلم العظيم فى بلادنا الجميلة ، كان الباحث من حملة رسالة الدكتوراه أصلاً بل ويحمل درجة أستاذ دكتور بالفعل فى نفس المجال بتخصص أخر .
فى الحقيقة لاحظت المجهود الكبير المبذول فى تجميع هذا الكم الهائل من المعلومات المعروفة وصولاً إلى الجديد فى الرسالة فى مجهود مضنى من الباحث ليبرهن على مدى كفاءته فى الحصول على إجازة لرسالته لإقناع لجنه التحكيم بأحقيته فى نيل درجة فلسفة الدكتوراه فى موضوع الرسالة .
ثم سالت نفسي سؤالاً . هل يحتاج من يحمل الدرجة العلمية الرفعية استاذ دكتور أن يثبت فى كل مرة وفى كل رسالة أحقيته فى نيل درجه الدكتوراه من جديد ؟
أعتقد أن هذا نوع من أنواع البيروقراطية العلمية ، إننى أعلم أن هناك قواعد للبحث العلمى وأسلوباً للدراسات العليا فى العالم وفى مصر ، ولكن كل شيئ قابل للتغيير .
من هنا أطرح رؤية قد تبدو صدامية مع هذه الافكار . وأقول إن هذا الاستاذ الدكتور قد قدم نفسه كباحث من قبل وتم تقييمه أكثر من مرة فى محافل علمية مختلفة يوم حصل على درجه الماجستير ثم الدكتوراه ثم حصوله على الاستاذية .
إننى أرى أن أكبر إستفادة من عقلية الاستاذ العلمية يكمن فى رؤيته المستقبلية للمستقبل العلمى وقراءة وصياغة النظريات العلمية بشكل مستنير .
أما أن يجمع العلوم بشكل تقليدى فى فصول وأبواب ثم نصل الى نتيجة فى الباب الاخير فهذه مضيعة للوقت والجهد وتضييق على ذلك الفكر بل وحصره فى قالب أكاديمى ضيق للغاية خاصة إذا كانت فى نفس المجال .
الاجدر من ذلك أن يقدم لنا الاستاذ خلاصة علمه فى باب واحد يقدم من خلاله رؤية مستنيرة وفهم مختلف لواقعنا ويناقشه من هم حاصلون على درجة الاستاذية فى العلوم والمتخصصون فى هذا النوع العلمى من موضوعات الرسالة .
وتسمى رسالة الدكتوراه فى هذه الحالة رؤية الاستاذ فى علم كذا وموضوعها كذا لنيل درجة الروية الفلسفية وموضوعها كذا .
على أن تقوم لجنه من المجلس الأعلى للجامعات لمناقشة هذة النوعية من الموضوعات للأساتذة فى كافة العلوم القريبة من موضوع الرسالة وتدرج نتائج البحث فى المجلات العلمية ومراكز الابحاث المتخصصة .
فى حالة إجازة هذه الرؤية فهذا يعنى أحقية الباحث فى نشرها تلقائياً فى المحافل العلمية المقيمة فى العالم وتدرج فيها أسماء لجنة التحكيم كمحكمين محليين لموضوع الرؤية العلمية . أو أن يقدم تلك الرؤية فى شكل ورقة بحثية علمية قابلة للتحكيم ويتم نشرها على المحافل العلمية .
هنا ستكون مسؤليه البحث العلمى عملية مشتركة بين الاستاذ ولجنة الاساتذة المشرفة والمقيمة للبحث العلمى وسيكون الناتج قوياً ودقيقاً بما يكفى لتقديم الجديد .
إننا لن نحقق المغزى العلمى من رسائل الدكتوراه وخاصة للاساتذة الاقوياء الا بتحركهم خارج قواعد البيروقراطيه العلمية الخانقة للافكار والملزمة للقوالب الثابته .
دعونا نطلق أيدى العلماء فى الفكر والابداع فى طرح افكارهم بدون التقيد بقوالب ثابتة خاصة فيمن أنهى رساله الدكتوراه وحصل على الاستاذية .
دعونا نحرر العلم والعلماء فى زمن مرهون بفكرة عالم فى واقع متلهف لإبداع يعيد إبتسامة العلم الى ديارنا التى أصبحت حوائطها مزينة بالشهادات وقلوبها وعقولها فارغة من العلم بسبب البيروقراطية العلمية .
دعونا نفرغ جهد الاساتذة فى العلم المستقبلى وحلول المشكلات ، فى النهاية اذا لم نجد فى ثروتنا البشرية المتخصصة خلاصاً من جميع مشكلاتنا فلا داعى للأوراق المزركشه على حوائط الجهل فليس فيها ما ينفع .
رسالة الى سدنه العلم فى بلادنا
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.