كلمة وفاء ورثاء لمربي الأجيال الشاعر قيطون بشير بن محمد رحمه الله
الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون ---ستراسبورغ فرنسا

كلمة وفاء ورثاء لمربي الأجيال الشاعر قيطون بشير بن محمد رحمه الله
الأسرة التربوية والثقافية الأدبية تودع من مقبرة سيد الحاج حميدة بالنزلة ولاية تقرت المربي الفاضل الشاعر الفذ فيطون بشير بن محمد.
مقدمة :
كم هي جد صعبة وقاسية لحظات الوداع وألم الفراق، التي تختزن في القلب والذاكرة، وفداحة خسارة الفجيعة، لتختق الدموع، والجميع يودع قامة من جيل المربين الافاضل المؤمنين بالرسالة التربوية النبيلة. الذي فارق الدنيا، بعد مسيرة عطاء عريضة طيلة أربعة عقود من العمل الدؤوب، ومشوار حافل في سلك التعليم والعمل التربوي والثقافي والإجتماعي، تاركاً سيرة عطرة طيبة.
انسان طيب، ومربي مخلص، من نبع العطاء والنهر المتدفق حبا لعمله، يعز على الجميع فراقه في وقت يحتاج الجميع إلى أمثاله من الرجال الأوفياء الصادقين. ومهما كتبنا من كلمات رثاء وفقرات تأبين، وسطرنا من حروف حزينة مبكية، لن نوفيه حقه لما قدمه من علم ووقت وجهد وتفان في سبيل تلاميذ ورجال المستقبل، وما علم من أخلاق وقيم فاضلة، وغرس فيهم حب العلم والمعرفة، ونم في أعماقهم قيم المحبة والخير والإنتماء .
عرف معلماً هادئاً، متسامحاً، راضياً، قنوعاً، ملتزماً بانسانيته وبواجباته الدينية. حمل الآمانة بإخلاص، وآعطى للحياة والناس جهده وخبرته. تمتع بخصال ومزايا عديدة وسيرة حميدة جلها الإيمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب، أربعون عاما أمضاها في التربية، بكل ما تحمله في طياتها من المعاني، التي في صلبها بناء الإنسان، وبناء الوطن والمجتمع.
لقد غيبه الموت اليوم قهرا عنا جسداً، لكنه ستبقى في قلوب الجميع ما بقوا على قيد الحياة، ولن ينسوه، وسيظل بعماله ومآثره وسيرته نبراساً وقدوة لهم.
نم مرتاح البال والضمير، فقد أدى الأمانة وقام بدوره على أحسن وجه، والرجال الصادقون أمثاله لا يموتون.خلف أجيالا من الأبناء وألأحفاد والتلاميذ والقراء والمحبين داخل وخارج الوطن بربوع المعمورة.
نبذة عن الشاعر بشير قيطون:
مولده ونسبه ونشاته:
ولد المعلم الشاعر بشير قيطون بن محمد, وأبصر النور الأسري والدفئ العائلي, يوم الثاني 02 جانفي 1954. بقرية تملاحت مدينة تماسين ولاية ورقلة عاصمة الجنوب الشرقي يومها, من أسرة محافظة بسيرة متمسكة بهويتها وأصالتها.
تعليمه الديني القرآني:
تلقى تعليمه القرآني في بداية الأمر كبيقية تلاميذ المنطقة وحفظ القرآن الكريم في سنة الحادية 11 عشرة من عمره.
تعليمه النظامي الدراسي:
لم يسعفه الحظ في الدراسة في سن مبركة كبقية التلاميذ. فدخل المدرسة الإبتدائية إلا في سنة 1969م أين دخل مباشرة في صف السنة السادسة وعمره آنذاك تجاوز الخمسة عشر15 سنة وذلك بمدرسة لقراف بالحجيرة.
شهادته التعليمية :
تحصل الأستاذ بشير قيطون, على الشهادة الإبتدائية. وبقي في تملاحت يتابع الدراسة حرا بمدرسة العرفان التي يديرها الشيخ الصادق التجاني رحمه الله. فكان عصامي التكوين.
توظيفه التعليمي:
وظف الأستاذ بشر قيطون في سنة 1972م. وأُدخل في سلك التعليم بشهادة رتبة ممرن والتي كانت هي المفتاح الأول للتوظيف في حياته يومها. المسيرة التعليمية. بعد أكثر من أربعة عقود من العمل في مجال التعليم. وقد ساهمت تجاربه الحياتية، مثل فقدان الأحبة والتأمل في الطبيعة. عمل كمعلم في عدة مناطق من ولاية ورقلة وولاية تقرت، بما في ذلك حاسي مسعود، الحجيرة، والطيبات، وترك بصمات واضحة في هذه المجتمعات.
وتحصل خلالها على وسام التربية. أحيل على التقاعد الرسمي سنة 2013، وتفرغ للإبداع الشعري، خاصة الشعر الشعبي الذي تفجرت فيه قريحته.
دخوله عالم الشعر و دواليبه:
كان الشاعر بيشر قيطون من الشعراء القالئل الذين برزوا في قرض الشعر والنبوغ فيه, لم يدخل مجاله إلا في سن متأخرة،سنة1979 في عمر 43سنة بحيث عُرف بموهبته الشعرية الفذة، خاصة في مجال الإرتجال، حيث يتميز بقدرته على إلقاء الشعر دون تحضير مسبق، وهي ميزة نادرة في عالم الشعراء.وفي ظرف ثلاثة 3 سنوات توصل الشاعر بشير قيطون إلى ميلاد 03 دواوين (ديوان الشعر المثير. ديوان شمس الأصيل. ديوان مروج الذهب ).
هذا الأخير الذي طبع على حساب المجلس الولائي بمساهمة دار الثقافة بولاية ورقلة. عضو سابق في هيئة إتحاد الكتاب الجزائريين فرع تقرت.
إصدارات و مؤلّفات الشاعر بشير قيطون:
صدر للشاعر بشير قيطون عدة قصائد محلية ووطية. وقصيدة واحدة دولية في في المجلة الثقافية في بريطانيا بإنجليترا. وصدرت له قصيدة في مجلة الإتحاد.
كما صدر له ثلاث قصائد ضمن موسوعة ( الشعر الجزائري ) المتكونة من ديوانين كبيرين. حيث توصل إلى ميلاد عدة دواوين شعرية في الفصيح والشعبي. له من الفصيح : ديوان شمس األصيل ، ومروج الذهب.
وله من الشعبي : همسة شاعر مطبوع.
الأنيس تحت الطبع. وله عدة قصائد أخرى لم تر النور بعد.
ديوان : فرسان العشيرة لسعيد أولاد عمر بالحجيرة.
هو عنوان أول عمل أدبي من نوعه يهتم بمنطقة الحجيرة وعرش سعيد أولاد عمر, جمع الشاعر بشير قيطون في هذا العمل كل ألقاب العرش وصنغها تحت فروع العرش السبعة.حيث أحصى 162 لقبا. ونظمها في قصيدة رائعة. كما أحصى معالم الحجيرة ولقراف ومساجدهما ومدارسهما وأسماء رؤساء البلدبة من الاستقلال الى يومنا. وشعراء العرش ومشائخه. مع مجموعة قصائد رائعة تتغنى بالحجيرة وحبها وحب وأهلها.
ديوان همس الشاعر :
يتألف ديوان همسة الشاعر للشاعر الفحل بشير قيطون من أربعة وثالثين
قصيدة، يبد أ بقصيدة: رحلة إلى البقاع وينتهي بقصيدة همسة شاعر.
تدور هاته القصائد حول قضايا وموضوعات مختلفة ومتنوعة ومتعددة ، تتناول فيها الشاعر، وبحرارة وصدق، قضايا المجتمع وشؤونه، بلغة رصينة،وعبارات
جزلة قوية، وأسلوب روحه بدوي تراثي يرسم مالمح الثقافة الصحراوية التي
ترعرع الشاعر عليها وشب ، والشاعر في هاته القصائد أبان عن إقتدار وتمكن
في هذا الباب الشعري. فالشاعر ألمس مشاعر الشعب، وأثر فيها تأثيرا منقطع النظير، لأنه ببساطة تناول قضايا تمس جميع الشرائح، وتتكرر وتتلون في كل الآزمنة والعصور منها أهم القضايا الإجتماعية وأبعادها:غلاء المعيشة وأرتفاع األسعار: التآزر والتضامن وقت الشدة -الزواج بامرأتين هذه المساجلة بين ضرتين تكشف عن الكثير من القضايا الإجتماعية التي يتخبط فيها المجتمع اليوم، جسدها الشاعر، ومظهرها في صور متعددة منها:
-نبذ الضرائر في المجتمع.-التحرر الزائد مدعاة إلى العنوسة.المساواة الخاطئة مهلكة للمجتمع.-الموضة الزائفة تقضي على األخالق، وتعمل على تفسخ وتحلل المجتم. الصراحة المتبادلة بين الزوج والزوجة أساس إستقرار الحياة الزوجية، وسبيل نجاحها.الديوان يحفل بالقضايا الإجتماعية المتنوعة والمتعددة كالعلاقات الإنسانية، والتجارب الذاتية كالحب، والتضامن مع الشعوب المضطهدة كالقضية الأم: قضية فلسطين وغيرها.مما سبق تتجلى لنا الأبعاد التي يرمي إليها الشاعر قيطون من خالل شعره الإجتماعي والمتمثلة في إظهار عيوب المجتمع،والكشف عنها. الدعوة إلى إصلاحها ومعالجتها بما يراه من الحلول المناسبة.-إعتماد أسلوب السخرية والفكاهة من أجل التأثير في المتلقي، والعمل على إثارته. الغوص في أعماق المجتمع ومحاولة معايشته والتكيف مع ما يدور فيه.
وفي الختام يمكن القول إن بشير قيطون، شاعر متمكن من ناصية القريض الشعبي أسلوبا، ولغة، وتصويرا، وشعرية، مما يجعل من شعره أداة فاعلة في المجتمع، ومؤثرة فيه، ألنه المس شغاف القلوب، وشارك الناس في همومهم، وأفراحهم، وأحزانهم. خالص وأعطى من فيض مشاعره بكل صدق وإخلاص.
مشاركة الشاعر بشير قيطون في الملتقيات والمهرجات والعكاظيات:
شارك الأستاذ بشير قيطون في عدة ملتقيات ومهرجانات وعكاظيات شعرية محلية ووطتية, منها في كل من ولاية: الوادي -مستغانم- سطيف- تيبازة- بسكرة- تسمسيلت- برج بوعريريج -الجلفة، ولاية غرداية مهرجان عكاظية الشعر الشعبي بمدينة متليلي الشعانبة قلعة الثوار. خلال شهر مارس 2011. بحضور مدير الثقافة يومها الأستاذ زهير بللو, وزير الثقافة والفنون حاليا, دون نسيان تقرت بدوائرها كالحجيرة والطيبات والمنقر وسيدي سليمان وتماسين وبلدة عمر والزاوية العابدية وتبسبست.
النشاط الثقافي والإعلامي:
يعد قيطون عضوا بارزا فعالا في إتحاد الكتاب الجزائريين فرع ولاية تقرت، وشارك في العديد من الفعاليات الثقافية المتنوعة. كما أُجريت معه عدة حوارات فكرية ,أدبية وثقافية، أبرزها اللقاء الذي أعده المدون تيجاني سليمان موهوبي، حيث تحدث عن مسيرته التعليمية والأدبية.
لمحة عن أعماله:
من أبرز أعماله وأجمل قصائده قصيدة صلوا يا اللي حضار، التي يتغنى فيها بحب الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولحنها بنفسه. كما كتب قصيدة بعنوان القصيدة الغالية في وصف أعلام العالية، التي أُنجزت في مدينة تقرت.
جوائز وأوسمة وشهادات تكريمية:
توجت أغلب مشاركلت الشاعر بشير قيطون بالمراتب الألولى، وحاز فيها على جوائز وشهاداة وتكريمات فاقت مائة 120 وعشرون شهادة لا تعد ولا تحصى.
المصادر:
عن دراسة تحليل الأستاذ عمر طربة أستاذ بقسم اللغة والأدب بجامعة قاصدي مرباح بورقلة بعنوان البعد الإجتماعي في ديوان همسة شاعر والأستاذ محمد لخضر سعداوي من الإطارات الثقافية الأدبية الفاعلة بولاية تقرت.
كان هذا أستاذنا المربي الفاضل الشاعر, بشير قيطون بن محمد, الساكن قيد حياته بسيدي بوجنان بتوقرت الذي قضى أكثرمن أربعة 04 عقود في التربية والتعليم بفصوله. ورحلته الشعرية الأدبية المتنوعة التي جال وصال فيها ربوع الجزائر, وكانت لي فيها معه جلسات وامسية وحكيات منها في ربيع مارس سنة 2011 بمتليلي الشعانبة عشية تنشيطي لمهرجان العكاظية, عاش أستاذنا بشير قي صمت ألزمه المرض الفراش و رغم ذلك لم ينقطع وبم يقصر في السؤوال عن أحبابه وأصدقائه. الذي لا يمكن وصفه في ومضة سطرين. في صمت ورحل في صمت, أين وفاه المنية يوم الأحد 27 أفريل 2025 ووري الثرى عشية يوم الأثنين 28 افريل 2025, في جو جنائزي مهيب يتقدمهم الأمين العام لولاية تقرت نيابة عن الوالي ورئيس المجلس الشعبي الولائي والفعاليات المنتخبة. أين نعاه في كلمة تأبينية احد الأصدقاء الأستاذ رابح بن دقة أمام جمع غفير من الأهل والأحبة و الزملاء والمواطنين وباقي فعاليات وأطفيات المجتمع المدني. ودفن بمقبرة سيد الحاج أحميدة بالنزلة ولاية تقرت جنوب الجزائر الشرقي, رحمه الله.
كلمة وفاء ورثاء لمربي الأجيال الشاعر قيطون بشير بن محمد رحمه الله
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.