
من يُربِّي أبناءنا اليوم؟
اسأل نفسك هذا السؤال بصدق:
من يربِّي أبناء هذا الجيل فعلًا؟
في الماضي، كانت الأسرة بيتًا كبيرًا يضم الجد والجدة، والعم والخال، والأخ الأكبر.
كل فرد منهم كان يشارك في بناء شخصية الطفل، بالكلمة، بالقدوة، وبالمحبة.
أما اليوم، فصارت الأسرة أصغر، والأب والأم يعملان لساعات طويلة، والطفل يقضي يومه بين شاشة التلفاز والهاتف الذكي.
من يوجّهه؟ من يعلّمه الفرق بين الخير والشر؟
من يسمع له؟ من يحتويه؟
أصبح الطفل في أغلب البيوت يتعلّم من الإنترنت أكثر مما يتعلّم من والديه.
والمدرسة؟
نعم، المدرسة مرآة المجتمع، لكنها أصبحت مرآة مقلقة.
المعلمون يرون تغيّرات خطيرة في سلوك الطلاب، فلا يسألون عن السبب، بل يطلقون الحكم: “جيل فاسد”!
ولكن الحقيقة أن هذا الجيل متروك، لا فاسد.
بعض الناس يقولون إن الطفل يولد طيبًا، والبيئة تكفي لتربيته.
لكن هل البيئة اليوم صالحة؟
هل المحتوى الذي يشاهده الطفل بريء؟
هل الأصدقاء الذين يحيطون به صالحون؟
الطفل لا يمكن أن ينشأ وحده دون توجيه، ودون قيم راسخة تحميه.
هويتنا العربية والإسلامية ليست كلمات تُردَّد، بل جذور تغذّي القلب والعقل.
إذا فقدنا هذه الهوية، ضاع الطفل، وتشوش فكره، وسار خلف كل جديد بلا وعي.
نحن لسنا ضد التطوّر.
لكننا نسأل: تطور نحو ماذا؟ وبأي ثمن؟
أبناؤنا بحاجة إلى من يجلس معهم، يحاورهم، يستمع إليهم، يربّيهم بالقدوة لا بالصراخ.
الطفل الذي ينام على ضوء الهاتف، ويستيقظ على صوت الخادمة، ولا يرى والديه إلا قليلًا، كيف له أن ينشأ سويًّا؟
وإذا كبر بلا هوية، وبلا قيم، وبلا انتماء، فمَن المسؤول؟
يا كل مربٍّ وأبٍ وأم،
الجيل الجديد أمانة، والتقصير في تربيته جريمة في حق المستقبل.
فلنعد إلى دورنا الحقيقي قبل فوات الأوان.
من يُربِّي أبناءنا اليوم؟
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.