المسئولية الإجتماعية
المسئولية الإجتماعية.. أكد الأستاذ الدكتور خالد صلاح الدين الأستاذ بكلية الإعلام/ جامعة القاهرة في الجزء الثاني من كتابه على أن الجدل الذي يثورحول دور الدراما في المجتمع المصري إنما يتخذ مسارين: أولهما؛ أن الدراما هىّ قالب من قوالب الترفيه للمشاهدين بما يسهم في الحد من مشاعرهم الحزينة، ويطرد هموهم ومشكلاتهم اليومية، وثانيهما؛ أن الدراما مسئولة اجتماعيًا لضبط جوانب القصور في المجتمع عبر الزمن.ويتذرع أنصار المسار الأول بمفهوم الترفيه للترفيه، وأن الإبداع لا حدود له، ولا قيود عليه؛ ومن ثمَّ يمكن أن تُوغل الدراما في الع-نف، والصر-اع الدموي، والخروج على ما هو مألوف أو متعارف عليه من تقاليدٍ وقيم، وأعراف مجتمعية.
ويعتقد أنصار هذا المسار ولا أقول التيار! أن الأصل في الدراما هو التطهير Catharsis كما أكد المعلم التاريخي الفيلسوف اليوناني “أرسطوطاليس” الشهير بــ “أرسطو” والذي اعتبر الدراما أداة مهمة للتنفيس، والتخلص من المشاعر، والوجدانيات الضارة.وينبغي هنا التأكيد على أن ما طرحه “أرسطوطاليس” في العديد من مؤلفاته بشأن الدراما إنما هو طرح تنموي يُفضي إلى تنقية المواطنين من الوجدانيات السلبية بما يقودهم للإنتاج، والإبداع، والتفكير الإيجابي بعيدًا عن الأفكار السلبية، والتخريبية.
ولعل “التطهير” يدحض حجج من يقولون بالترفيه للترفيه؛ إذ ينبغي أن تكون الدراما رافدًا مهمًا من روافد التنمية، والتوعية، والإصلاح وهذا هو جوهر المسئولية الاجتماعية للدراما.
ويأتي على رأس هرم أولويات المسئولية الاجتماعية للدراما تقديم نماذج القدوة عبر الشخصيات الرئيسية أو “الأبطال” كما هو دارج لدى صُنَّاع الدراما والمشاهدين.ومن خلال ملاحظاتي العلمية المنهجيّة فقد رصدت العديد من المسلسلات المصرية التي دأبت على تقديم نماذج القدوة لمختلف قطاعات المجتمع المصري، وبخاصةٍ الشباب منهم على سبيل المثال لا الحصر:
مسلسل “على الزيبق” الذي طرح مفهوم البطل الشعبي الذي ينحاز للفقراء، ويقف في وجه الوالي أو الحاكم الظالم، ومسلسل “الفرسان” الذي طرح دور مصر التاريخي بوصفها مقبرة للمُغول أو التَتر أو التتار الذين عاثوا في الأرض ف-سادًا؛ وتمكَّن الملك المظفر “قطز” والظاهر “بيبرس” من ه-زي-متهم ه-ز-يمة حضارية حاسمة في عين جالوت في شهر رمضان المبارك عام 658 هجري ، ومسلسل “إمرأة من الزمن الجميل” حول مفهوم التدافع لحل مشكلات الأُسر المصرية، ومسلسل “الوِّسية”
الذي طرح سيرة ذاتية ساطعة لأحد أبناء مصر الذي رفض الاحتلال، والفقر؛ وأصبح أستاذًا جامعيًا مرموقًا، ومسلسل “الأيام” عن السيرة الذاتية لعميد الأدب العربي “طه حسين” الذي أبصر وهو أعمى الواقع المصري؛ وصار من روافد الإصلاح في المجتمع المصري، ومسلسل “ضمير أبله حكمت” الذي قدم نموذجًا إصلاحيًا في مجال التربية والتعليم بالمدارس المصرية من خلال الناظرة بطلة المسلسل، ومسلسل “أبو العلا البشري” الذي طرح تصدى الشخصية الرئيسية لتناقضات التحولين الاقتصادي والاجتماعي في مصر.
وملاك الأمر، ينبغي على صُنَاع الدراما تبني مسار المسئولية الاجتماعية للدراما حيث غاب عنهم هذا المسار المهم، ولعل دراما رمضان الماضي 1446هـ كانت دليلًا ساطعا على فقدان البوصلة حيث أضحت الدراما رافدا من روافد تغذية العنف، والكراهيّة، والعصبيّة، والقبليّة، والاستعلاء، والخيانة الزوجية، والخروج على عادات المجتمع، وتقاليده، وقيمه المعتبرة.