
طلقةٌ واحدة، أُطلقت من سلاح غير مرخّص، أنهت حياة الطفل “أدهم حلمي”، البالغ من العمر 13 عامًا، لكنها في الحقيقة أصابت قانون الطفل في قلبه، لتُعيد فتح ملف المسؤولية الجنائية للقُصّر في مصر، وتُطلق جدلًا قانونيًا واجتماعيًا واسعًا حول السن المناسب للمساءلة الجنائية.
أدهم… الضحية التي فتحت جرحًا قديمًا
الواقعة التي شهدتها مدينة بلطيم بمحافظة كفر الشيخ، بدأت عندما كان أدهم يلهو داخل منزل أحد أصدقائه الثلاثة، خرجت رصاصة قاتلة من سلاح ناري غير مرخّص يعود لوالد أحد الأطفال، لتُصيبه في الرأس، لكن الأكثر صدمة أن الأطفال، بدلاً من الإسراع بطلب النجدة، سحبوا أدهم لمسافة 150 مترًا لإخفاء الواقعة، قبل أن يُنقل إلى المستشفى ويدخل في غيبوبة استمرت 10 أيام، انتهت بوفاته.
القانون عاجز أمام الواقع
وفقًا لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته، لا تُقام الدعوى الجنائية على من لم يُتم الخامسة عشرة من عمره، وبناء عليه، أمرت النيابة العامة بإيداع الأطفال الثلاثة بدار رعاية لمدة أسبوع تحت الملاحظة، وحبس والد الطفل مالك السلاح 15 يومًا، لكن الشارع لم يرضَ.
الغضب العام تجاوز حدود التعاطف إلى مطالبة واضحة بإعادة النظر في القانون، وخفض سن المسؤولية الجنائية إلى 14 عامًا، على الأقل.
سؤال العدالة: هل السن وحده يكفي؟
القضية أثارت تساؤلات جوهرية: هل يُعقل أن يُقتل طفل ويُسدل الستار على الجريمة تحت مظلة “عدم بلوغ الجاني السن القانونية”؟ وهل من العدل أن يُفلت من العقاب من ثبت عليه الوعي بالفعل والنوايا والسلوك، لمجرد أنه لم يُكمل عامه الخامس عشر؟
نداء المجتمع: تعديل لا بد منه
يطالب المواطنون الآن، وبصوتٍ أعلى من أي وقت مضى، بتعديل مواد المسؤولية الجنائية في قانون الطفل، لتتماشى مع تطورات العصر، ووعي الأطفال الذين بات بعضهم أكثر دراية بأدوات الجريمة وسبل الإفلات منها، القانون يجب أن يُميز بين طفل يحتاج إلى تقويم، وطفل ارتكب جريمة عن وعي وإدراك.
خاتمة: أدهم ليس رقمًا في دفتر الوفيات
جريمة أدهم لا يجب أن تُنسى، ولا أن تُطوى في سجلات القضايا المجهولة، دمه رسالة لكل مشرّع، ولكل مسؤول، بأن العدالة أحيانًا تحتاج إلى إعادة تعريف.
إن خفض سن المسؤولية الجنائية إلى 14 عامًا ليس عقوبة ضد الطفولة، بل حماية لها، وللمجتمع، ولأطفال آخرين قد يكونون ضحايا مستقبليين إن بقي القانون على حاله.