
في زمنٍ تتسارع فيه الهموم وتتزاحم المشاغل، تظل قيمة “جبر الخواطر” واحدة من أسمى القيم الإنسانية التي قد يغفل عنها الكثيرون رغم أثرها العميق في النفس والمجتمع. فهي ليست فقط سلوكاً اجتماعياً محموداً، بل تُعد من العبادات الخفية التي يحبها الله عز وجل، كما ورد في الأثر: “جبر الخواطر على الله”.
مفهوم إنساني نبيل
جبر الخاطر لا يقتصر على الأقوال الرقيقة أو المجاملات العابرة، بل يتجلى في أبسط صور الدعم الإنساني: كلمة طيبة، ابتسامة صادقة، مساندة وقت ضيق، أو حتى مجرد إنصات بانتباه لشخص مثقل بالهموم. إنه فن الشعور بالآخر، والوعي بأثر الكلمة والتصرف، ومدّ يد العون دون انتظار مقابل.
أصل من أصول الدين
جبر الخواطر له جذور عميقة في الشريعة الإسلامية، فقد كانت سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم حافلة بمواقف تُجسّد هذا المعنى. فقد كان يواسي المهموم، ويطمئن الخائف، ويُظهر التقدير لمن حوله. بل إن الشريعة كلها قائمة على رفع الحرج وجلب المصلحة، وهذا هو عين جبر الخواطر.
في زمن القسوة… الكلمة دواء
في عالم يضج بالماديات والانشغال بالذات، يصبح لجبر الخاطر أثر علاجي لا يُقدَّر بثمن. فربّ كلمة تُنقذ إنساناً من هاوية الإحباط، وربّ ابتسامة تُحيي في القلب أملاً كان على وشك أن ينطفئ. فكم من شخص لا يحتاج مالاً ولا منصباً، بل فقط من يشعره بأنه مرئي، مسموع، ومقدر.
دعوة للعودة إلى الإنسانية
إننا اليوم بحاجة ماسّة لإحياء هذا الخلق النبيل في البيوت، والمدارس، وأماكن العمل. فكل شخص يحمل في داخله جراحاً لا تُرى، وهموماً لا تُقال، ويكفيه أن يجد في طريقه من يربّت على قلبه ولو بكلمة: “أنا هنا، وأشعر بك.”