
لحظات في الحياة لا تُقاس بالزمن، بل تُقاس بعمق الأثر
المرحوم أحمد على موسى نصار من النماذج الطيبة التى أفتقدها مركز أبنوب
تمر الأيام بحلوها ومرها وتبقى روعة القلوب التي تصنع الفارق.
وفي يومٍ تسابقت فيه المشاعر، وتعانقت فيه الدموع مع الدعوات لرحيل رجل عرف بالشهامة والكرم تردد أسمه بقوة بين رجال المصالحات والساعين لقضاء حوائج الناس
بأعتباره قامة وقيمة تاركا تاريخًا من النبل، والكرم
كانت حياته مسيرة إنسان حمل أمانة الصلح بين الناس بيقين، وسار بها على درب الحكمة فجعل من نفسه مقصدا للناس، ومن كلماته جسرًا للخير، ومن قلبه موطنًا للرحمة.
لا يُرهقه صلح ولا يُغلق بابه أمام صاحب حاجة، ولا يعلو صوته إلا بالحكمة، ولا يسبق قراره إلا دعاء خاشع أن يُسدده الله.
وفي قلوب من عايشوه، سيظل اسم هذا الرجل محفورًا كنسمة طيبة عبرت حياتهم، وعلّمتهم معنى أن تكون مسؤولًا بروح إنسان، وأن تُنير الطريق بحسن الفعل وبرحيله عبر الأهالى فى مدينة أبنوب عن حبهم الصادق، وحزنهم النبيل، بكلمات لا تُكتب بالحبر بل تُسطر بدماء القلب:
فما أصعب وداع رجل إذا حضر أبهج الأرواح، وإذا غاب ترك فراغًا لا يُملأ، كان رحمه الله حاني القلب، قويّ الفكرة، وما ترك مجلسًا إلا وزرع فيه أثرا طيبا فقد كان للكلمة طِيبها، وللنصيحة دفؤها، وللموقف اتزانه.
رأي فيه الجميع الشخصية التى لا تتكلّف، والكبير الذي لا يتعالى، والإنسان الذي يسع الجميع بقلبه قبل عقله.
ترك بأعماله ومشاركاته الفعالة فى أنهاء الخصومات أثرًا لا يُمحى، ودربًا من النور لن ينطفئ… لم يكن يرحل عن يومٍ إلا وقد ترك فيه قيمة تُروى، وسلوكًا يُقتدى، ودعاءً يُرفع له في ظهر الغيب.
ووداعه ليس نهاية وجود، بل بداية حنين لا ينتهي… ستظل ذكراه بيننا نسمة عطرة، وحكمة باقية، ودعاءً لا ينقطع.
سلامٌ على قلبه الطيب، وسعيه المبارك، وسيرته العطرة التي ستبقى بيننا تروى كأجمل ما يكون من الوفاء والخلق.”
و رحيله ليس وداع جسدٍ، بل وداع قلبٍ كان نابضًا بالصدق والاحتواء. رحل عن دنيا فانية ولكن كلماته ، لا تزال تسكن فينا، وتتردد بين الجميع وتشهدها المواقف. كان الأب الحاني، والمعلم الحكيم، والقائد الذي يترك في كل نفس أثرًا لا يُنسى… فكيف للقلوب أن تنسى من أنصفها، واحتواها، ورفع شأنها وفى حقه يقول الكثيرون
“ما عهدناه إلا باسِم الوجه، طيّب الكلمة، واسع الصدر، يحمل حبّ الناس في قلبه.”
وفي مجلسه كان يبني، لا يهدم، ويقوّم، لا يجرح،
وذكره الناس بجميل خصاله فقالوا عنه كان فينا متواضعًا ينحني، ومحبةً تحتضن، وكلمة طيبة تمتد كغصن زيتونٍ لا يذبل.”
هكذا تمضي الكبار، لا يُخلّفون ضجيجًا، بل يُخلّفون في الأرواح أثرًا، وفي العقول وعيًا، وفي القلوب محبة خالدة.
يمضون بهدوء الواثق، وسمت النبلاء، بعد أن زرعوا من الخير ما يكفي أن يبقى، وأن تتناقله الأجيال سيرة عطرة، ومواقف ناصعة، ودروسًا تُروى لا تُنسى.
لقد كان الحاج أحمد على موسى مثالًا للرجل الذي لا تصنعه المواقف بل يصنع بصمته فيها… جمع بين هيبة الرجال وتواضع الإنسان، بين الحزم ورقّة القلب، فكان إذا تكلم أصغى الجميع، وإذا قرر لمس فيه روح العدل، وإذا مرّ بين الناس، مرّ خفيفًا كالغيث، يُنعش ولا يُثقل، ويُحيي ولا يُشوّش.
فكان الحاضر في التفاصيل، والسابح في أعماق كل عمل، لا تغيب عنه صغيرة ولا كبيرة، يتابع بصبر، ويوجّه بأدب، ويُنصف دون أن يُعلن، ويكرم دون أن يُشعر المُكرَّم بثقل الجميل.
وفي لحظة الوداع، لم تكن الكلمات كافية، ولا الدموع وافية، لكن القلوب نطقت بما عجز عنه اللسان.
فقد بكت مدينة أبنوب رجلًا لن يُنسى، وستظل الأيام تتحدث بما ترك من أثرٍ خالد.
يبقى ويروى، نموذجًا يُقتدى به، ودعاءً صادقًا في ظهر الغيب لا ينقطع.
تاركا المسيرة لأبنه الحاج طارق الذى أثبت جدارته فكان بالفعل أيقونة فى العمل الخيرى وأهلا لمواصلة المبادرة التى بدأها والده لتحقيق السلم المجتمعى جمع إخوته وواصل المودةلمحبين والده ليتحقق المثل من زرع حصد والغرس الطيب ثماره لا تنقطع وأشجاره لا تذبل
لحظات في الحياة لا تُقاس بالزمن، بل تُقاس بعمق الأثر