مقالات ووجهات نظر

انهيار الإنسانية والأخلاقيات هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟

بقلم د/داليا علي

انهيار الإنسانية والأخلاقيات هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟

انهيار الإنسانية والأخلاقيات هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟في خضم عالم يموج بالصر/ا/عات والاضطرابات، يبرز سؤال وجودي يتردد صداه في أذهان الكثيرين: هل نشهد بالفعل انحدارًا خطيرًا في قيمنا الإنسانية وأخلاقياتنا؟ هل تجاوزنا نقطة اللاعودة في تدهورنا الأخلاقي؟شواهد عديدة تدعو للقلق. من الحر/و/ب الو/حشية التي تمزق المجتمعات وتز/هق الأرواح بلا رحمة، إلى تفشي الف/ساد والاست/غلال الذي يقوض أسس العدالة والمساواة، مرورًا بتصاعد خطاب الكر/اهية والعن/صرية الذي يمزق النسيج الاجتماعي، وصولًا إلى اللامبالاة المتزايدة بمعاناة الآخرين وتجاهل حقوقهم الأساسية.

نشاهد يوميًا صورًا ومقاطع فيديو مروعة تجسد قسوة الإنسان على أخيه الإنسان، وتكشف عن انحدار مريع في التعاطف والرحمة. يبدو أن قيمًا مثل التسامح والإنصاف والصدق تتآكل تدريجيًا، لتحل محلها الأنانية والمصلحة الذاتية والت/عص/ب الأعمى.

لا يمكن إنكار أن التحديات العالمية المعاصرة، مثل تغير المناخ والفقر المدقع والن/ز/اعات المسلحة، والاستخدام الاعمي للتكنولوجيا تضع ضغوطًا هائلة على المجتمعات والأفراد. هذه الظروف الصعبة قد تغذي اليأس والإحباط، وتدفع البعض إلى التخلي عن مبادئهم الأخلاقية سعيًا للبقاء أو تحقيق مكاسب شخصية ماديه. 

ومع ذلك، هل يمكننا حقًا أن نستسلم لهذا التشاؤم؟ هل قدرنا المحتوم هو الانزلاق نحو هاوية اللاأخلاقية؟

هناك أصوات أخرى تتعالى ، تنادي من بعيد بضرورة استعادة القيم الإنسانية النبيلة. هناك مبادرات فردية وجماعية تسعى جاهدة لتعزيز التسامح والعدالة والسلام. هناك نماذج ملهمة لأفراد ومؤسسات تكرس جهودها لمساعدة المحتاجين والدفاع عن حقوق المظلومين.

ويبقي واحد من الجوانب الهامة التي يركز عليها علم النفس هو التأثيرات الاجتماعية والنفسية للضغوط البيئية. فالصر/ا/عات، والفقر، وعدم الاستقرار، والكو/ارث الطبيعية تخلق بيئة من التوتر والقلق والخ/وف. في مثل هذه الظروف، قد يركز الأفراد على البقاء وتلبية احتياجاتهم الأساسية، مما قد يؤدي إلى تراجع الاهتمام بالقيم الأخلاقية أو حتى اللجوء إلى سلوكيات غير أخلاقية كوسيلة للتكيف أو البقاء.

كما يلعب التشوه المعرفي دورًا هامًا في تبرير السلوكيات غير الأخلاقية. قد يلجأ الأفراد إلى آليات دفاعية مثل إلقاء اللوم على الضحية أو تقليل أهمية الفعل الضار لتخفيف الشعور بالذنب أو التناقض الداخلي. على سبيل المثال، قد يبرر شخص مشارك في عمل عني/ف أفعاله بالادعاء بأن الض/حية “استحقت ذلك” أو أن الض/رر “لم يكن كبيرًا“.

من ناحية أخرى، يسلط علم النفس الإيجابي الضوء على أهمية التعاطف والرحمة والذكاء العاطفي في تعزيز السلوكيات الأخلاقية والإنسانية. القدرة على فهم مشاعر الآخرين ومشاركتهم فيها، والوعي بالذات وتنظيم الانفعالات، كلها عوامل تساهم في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا وتعاونًا. إن تراجع هذه القدرات أو عدم تنميتها بشكل كافٍ يمكن أن يساهم في تفاقم مظاهر “انه/يار الإنسانية”.

إن انه/يار الإنسانية والأخلاقيات ليس قدرًا محتومًا، بل هو خطر يلوح في الأفق ويتطلب منا جميعًا وقفة جادة ومراجعة شاملة لقيمنا وسلوكياتنا. إن استعادة إنسانيتنا تتطلب تضافر الجهود على كافة المستويات: الفردية، والمجتمعية، والدولية.

علينا أن نبدأ بتربية أجيال جديدة على قيم الاحترام والتعاطف والتسامح. علينا أن نعزز ثقافة المساءلة والشفافية لمحاربة الفساد والاستغلال. علينا أن ندين بشدة جميع أشكال الكر/اهية والعن/صر/ية والتمييز. والأهم من ذلك، علينا أن نتحلى بالشجاعة والإصرار للدفاع عن الحق والعدل، حتى في وجه الصعاب.

إن الطريق إلى استعادة إنسانيتنا طويل وشاق، ولكنه ليس مستحيلاً. إذا استطعنا أن نستلهم من النماذج الإيجابية وأن نؤمن بقدرتنا على التغيير، فربما لا يزال هناك أمل في تجنب الانه/يار الأخلاقي وبناء مستقبل أكثر إنسانية وعدلاً.انهيار الإنسانية والأخلاقيات هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى