مقالات ووجهات نظر

المدير الخفي… من يدير الشركة فعلًا ؟

المدير الخفي... من يدير الشركة فعلًا ؟المدير الخفي… من يدير الشركة فعلًا ؟

بقلم.. أحمد صفوت

حين يكون المدير بلا مكتب ولا كرسي

في عالم الأعمال، اعتدنا أن نرسم صورة نمطية لـ “المدير”: رجل صارم خلف مكتب أنيق، محاط بالتقارير والخطط، يصدر الأوامر ويتخذ القرارات.

لكن الحقيقة، كما يكشفها لنا ريتشارد وايتلي في كتابه اللافت “العميل يدير الشركة”, تُقلب هذا التصور رأسًا على عقب.

من هو المدير الحقيقي؟

من خلال الرحلة داخل الكتاب نكتشف أن المدير الحقيقي ليس من يوقّع العقود… بل من يقرر أن يشتري، أو أن لا يعود مجددًا. إنه العميل… هذا المدير “الصامت، الخفي”، الذي لا يحمل لقبًا رسميًا، لكنه يمتلك أقوى سلاح وهو: الاختيار.

إعادة ترتيب الأولويات… ولكن من منظور العميل

نجدد أن هناك الكثير من الشركات تنشغل بتحسين الكفاءة، خفض التكاليف، وتعظيم الأرباح. لكن وايتلي يطرح سؤالًا هاماً: ما الذي يريده العميل؟”

إن مفتاح النجاح لا يكمن في إنتاج المزيد، بل في فهم السبب الذي يجعل العميل يريد ما ننتجه… أو يتخلى عنه بصمت.

الدروس المستفادة:

 الدرس الأول: المنتج الجيد لا يكفي

في دراسة شملت آلاف الشركات، وُجد أن 70٪ من العملاء الذين غادروها، لم يفعلوا ذلك بسبب جودة المنتج… بل بسبب ضعف الخدمة. طريقة التعامل، الاستماع، سرعة الرد، الاحترام… هي العناصر التي تُبقي العميل أو تُبعده.

الدرس الثاني: دع العميل يوجّه البوصلة

وايتلي لا يبيعنا شعارات، بل يقدم خريطة عملية تحوّل المؤسسة إلى شركة “يديرها العميل” فعليًا وهي:

. اصنع رؤية تتمحور حول العميل

اجعل الرؤية مرآة لاحتياجات العميل، لا مجرد لوحة حائط.

استمع بعمق إلى صوت العميل

فالشكاوى ليست تهديدًا… بل كنز مخفي لمن يبحث عن التميّز.

تعلّم من الناجحين

قم بزيارة الشركات ناجحة، لا تنسخها كما هي، بل تعلّم كيف تفكر.

امنح موظفيك حرية إسعاد العميل

الموظف المقيّد لا يصنع تجربة مدهشة. فثقة الموظف بنفسه تُطلق الإبداع.

اكسر الحواجز البيروقراطية

العميل لا يفهم السياسات الداخلية… هو يريد حلاً الآن لمشكلته.

قِس ما يهم العميل فعلًا

النجاح لا يُقاس بحجم المبيعات فقط، بل بنسبة رضا وولاء العميل عن الشركة.

لا تكتفِ بالقول “العميل أولاً”… عشها واقعًا

اجعل الشعار نمط حياة، لا نشرة داخلية.

الدرس الثالث: موظفك هو عميل داخلي

إذا لم يشعر الموظف بالرضا، فكيف تتوقع منه أن يُرضي عميلك؟ فبيئة العمل الداخلية هي الانعكاس الأول لتجربة العميل… فاحرص على أن تكون إيجابية، محفّزة، ومرنة.

الدرس الرابع: العميل لا يصرخ… بل يرحل بهدوء

قد تتحمّل الشكاوى الصاخبة… لكن الأخطر من ذلك هو العميل الذي لا يشتكي إطلاقًا.

في دراسة مثيرة، تبيّن أن 80٪ من العملاء الذين غيّروا الشركة لم يُعربوا عن عدم رضاهم. هم ببساطة غادروا… لأنهم لم يشعروا أن هناك من يستمع إليهم.

وايتلي يختصر الموقف بجملة ذهبية: “أحبّ شكاوى العملاء… فهي كالذهب الخالص.”

ماذا تفعل الشركات الرابحة؟

الشركات التي وضعت العميل في مقعد القيادة تفعل الآتي:

تنصت لصوته يوميًا، لا في الأزمات فقط.

تمنح موظفي الواجهة سلطة القرار، لا مجرد أدوار تنفيذية.

تبادر بدل أن تنتظر الشكوى من العملاء.

تقيس النجاح بتكرار الشراء، التوصيات، وسمعتها الرقمية.

الخلاصة: من يدير شركتك؟

الإجابة: المدير التنفيذي؟ ربما. 

لكن المدير الحقيقي والخفي هو (العميل) من يشتري، يُقيّم، يُوصي… أو يترك المنتج أو الخدمة،

فإذا كنت تبحث عن سر النجاح في عالم تتغير قواعده كل يوم، فامنح العميل زمام القيادة… واجعل من شعار “العميل أولًا” واقعًا ملموسًا، لا مجرد حبر على الورق.

المدير الخفي… من يدير الشركة فعلًا ؟

أحمد حمدي

نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى