مقالات ووجهات نظر

هل الإدارة سلطة أم فن؟

د. احمد صفوت غنيم

هل الإدارة سلطة أم فن؟هل الإدارة سلطة أم فن؟

في أروقة المؤسسات، وبين جدران الشركات، وعلى ألسنة الموظفين، كثيرًا ما يتردّد السؤال الكبير: هل المدير هو صاحب السلطة؟ أم الفنان الذي يُجيد التعامل مع البشر؟

هل الإدارة تُمارس بالقوانين والتعليمات فقط؟ أم تُتقن بالمشاعر والمهارات الإنسانية؟

بين هذين التصورين، تتأرجح صورة “المدير” في أذهان الكثيرين.

وفي هذا المقال، نحاول أن نغوص إلى عمق الفكرة:

هل الإدارة سلطة؟ أم فن؟ أم هي شيء ثالث يتجاوزهما معًا؟

أولاً: السلطة… حين تُمارس الإدارة بالأوامر

لطالما ارتبطت الإدارة تقليديًا بـ “السلطة”:

– المدير يُصدر القرار.

– الموظف يُنفّذ.

– النتائج تُراقب.

– ومن يخالف، يُحاسب.

هذا النموذج القديم -وإن كان فعّالًا في بعض البيئات- يرى في الإدارة هيكلًا صارمًا من الانضباط. ويُركّز على “النتيجة”، ولو على حساب “الروح”. لكن… ما الذي يحدث حين تتوقف العقول عن التفكير وتكتفي بالتنفيذ؟ وماذا عن الإبداع، والمبادرة، والانتماء الحقيقي للمكان؟

ثانيًا: الفن… عندما تُصبح الإدارة تواصلًا إنسانيًا

في المقابل، هناك من يرى الإدارة كـ “فن”: فنّ فهم النفسيات.

فنّ توزيع الأدوار. فنّ بناء الثقة داخل الفريق. فنّ اتخاذ القرار في الوقت المناسب، بالطريقة المناسبة، مع الشخص المناسب. هذا الاتجاه لا يُنكر أهمية القوانين، لكنه يُدرك أن الناس لا يُدارون بالقانون وحده، بل يُلهمون، ويتحمّسون، ويتفوّقون حين يشعرون أنهم يُعاملون كـ “بشر” لا كـ “موارد”.

ففي هذا النموذج، يُصبح المدير:

– مستمعًا جيدًا.

– محفّزًا قويًا.

– صانعًا للبيئة الإيجابية قبل أن يكون صانعًا للقرارات.

ثالثًا: الإدارة الحقيقية… مزيج متوازن

الحقيقة أن الإدارة الناجحة ليست سلطةً خالصة ولا فنًا مجردًا،

بل هي فنّ استخدام السلطة بذكاء، وسلطة توجيه الفن نحو الهدف.

فلا يمكن أن تسير المؤسسة بلا نظام وهيكل واضح، ولا يمكن أن تنجح بقيادة بلا روح إنسانية.

المدير الواعي هو من:

– يعرف متى يستخدم السلطة، ومتى يستمع.

– يعرف متى يفرض، ومتى يُقنع.

– يعرف أن الحزم لا يعني القسوة، كما أن اللين لا يعني التراخي.

الخلاصة:

– الإدارة ليست سلطة تُفرَض… وليست فنًّا يُرتجَل… بل هي توازن دقيق بين التأثير والهيبة، بين التخطيط والعلاقات، بين القرار والمشاعر. وحين يُتقن المدير هذا التوازن، يصبح قائدًا لا يُنسى… لا مجرّد مدير يحمل لقبًا… وللحديث بقية.

بقلم : د/ أحمد صفوت غنيم

أحمد حمدي

نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى