مقالات ووجهات نظر

ولاء مدبولي تكتب: ما وراء السلام. رحلة، أثر وحلم.

ولاء مدبولي تكتب:

ما وراء السلام. رحلة، أثر وحلم.
منذ متى ونحن أصدقاء؟
ربما منذ أمس، العام الماضي، منذ بضعة أشهر وغالبا منذ وجودنا في هذه الدنيا أنا وأنت …. نعم لم نلتقي قط، لا أعرف كيف هي نظرتك بالعين، كيف تعبر عن غضبك عن فرحك، صوتك وحضنك .. لكنك الصديق، أعلم هذا جيدا
فأنا أعرف روحك وهذا الذي يعني لي . . فكيف حالك يا صديق؟
تعلم بماذا تتمبز الصداقة عن غيرها من العلاقات الإنسانية
هي غير مشروطة، أساسها السلام … ولا سلام في هذا العالم.
حين يشعر الإنسان بالسلام .. يتقبل كل شيء بالحياة لا في الحياة .. هناك فرق .

ماذا يعني أن يعم السلام كل بقاع الأرض ؟
أن تصحو على صباح لا يدوي فيه صوت رصاص
لا يرفرف علم الحرب، لا أخبار محزنة .. السؤال بسيط
.. إجابته خيال.
السلام: أكثر من غياب الحرب
في العالم المثالي لا يقاس الأمن بعدد الجيوش، بل بقدرة الإنسان على النوم دون خوف، على السفر دون حدود
على التعبير دون رقابة .. أمم سر ثراءها صناعة الحياة لا صناعة السلاح.
الإنسانية هي القاسم المشترك بين الشعوب، لا اللغة أو الدين أو العرق.
سيخرج الإنسان من كهف الخوف ليدخل فضاء الإتبداع.
الشاعر يكتب دون ألم، الفنان يرسم دون صرخة.

ماذا لو في عالمنا سلام دائم ؟
لو تحقق السلام العالمي بشكل دائم، يمكن تخيل التحولات التالية:
1: ثورة في التنمية البشرية:
تنتهي أزمة اللاجئين، و تصرف موارد الحروب على الصحة و التعليم والبيئة، فيرتفع متوسط العمر، وتنخفض معدلات الأمية والمرض.
2:نهضة ثقافية و روحية :
تزدهر الفنون و الآداب و الفلسفة، لأن الإنسان يكون قادرا على التعبير دون تهديد.
3:تعميق العدالة و المساواة:
تختفي الصراعات العرقية والطائفية، ويبدأ العالم في بناء نظم أكثر عدالة في توزيع الثروة والفرص.
4:تحالف حضاري عاالمي:
تتعاون الأمم بدل أن تتصارع، وتتشكل جبهة إنسانية موحدة لمواجهة التحديات الكبرى مثل تغير المناخ، و الأوبئة والمجاعات.
لماذا لا يتحقق هذا السلام ؟
السلام حلم معقد لأن الإنسان معقد يا صديق. هناك عدة أسباب تقف عائقا أمام السلام الشامل:
الطبيعة البشرية المركبة: الرغبة في السيطرة والهيمنة، الأنانية، والخوف من الآخر.. كلها مشاعر تغذي النزاع .
الإقتصاد الحربي: هناك دول وشركات تعيش على إنتاج السلاح واستمرار الحروب يصب في مصلحتها.
الإستعمار والتاريخ: تراكمات الماضي من استعمار وظلم وحروب خلقت ثارات طويلة الأمد يصعب تجاوزها بسهولة.
الدين والسياسة : حين تستخدم الأديان لتبرير الصراع، وتظف السياسة لتمزيق الشعوب، يصبح السلام صعبا لكنه ليس مستحيلا.
لمحة من الجحيم:
لكي تفهم أهمية السلام، يجب أن تتذكر الحروب الكبرى التي مزقت الإنسانية.
1:الحربان العالميتان الأولى و الثانية (1914.. 1918)(1939..1945)
خلفتا عشرات الملايين من القتلى ودمارا هائلا وأظهرتا مدى جنون الحرب حين يصبح العالم كله ساحة قتال.
2:الحرب الباردة (1947..1991)
حرب غير مباشرة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي قامت على التهديد النووي و الانقلابات وما تزال آثارها مستمرة.
3:حروب الشرق الأوسط:
من النكبة الفلسطينية إلى حروب العراق و سوريا واليمن
كلها دلائل على مدى تعقيد النزاعات التي تمزج بين الدين والطائفية والمصالح الدولية.
4:الحرب الروسية الأوكرانية (2022….
نموذج حديث يظهر كيف يمكن أن تعود الحروب إلى قلب أوروبا، يعيد للأذهان كوابيس الحرب العالمية.
والقصة لم تنتهي بعد، هناك العديد من الدول تستعد للحرب ربما مع جارتها .
(ما وراء السلام) ليس بمدينة فاضلة يا صديق، هو افق مفتوح، ندركه حين نؤمن أن السلام ليس ضعفا، هو أعظم أشكال القوة، يبدأ السلام الحقيقي من داخل الإنسان، من قدرته على فهم الآخر ومسامحته وتجاوز ذاته.

ولاء مدبولي تكتب: ما وراء السلام.
رحلة، أثر وحلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى