قصائد شعرية وأدب

الاكتئاب والحياه “” نور في أروقة الظلام “”

بقلم د. داليا علي عبد العزيز

الاكتئاب والحياه “” نور في أروقة الظلام “”

الاكتئاب والحياه "" نور في أروقة الظلام ""

الاكتئاب والحياه “” نور في أروقة الظلام “”

كانت نور فتاة عشرينية في بدايه رحلتها تفيض حيوية ونشاطًا تسعد بحياتها وتتلألأ بعبيرها ، إلا أن ابتسامتها التي لا تفارق وجهها بدأت تضمحل شيئًا فشيئًا مع قطار الصدمات والخذلان ذبلت ..

في البداية، اعتقدت أنها مجرد فترة إرهاق عادية، فضغط الدراسة والعمل كان يزداد ، لكن الأمر تجاوز ذلك بكثير. أصبحت نور تجد صعوبة بالغة في النهوض من الفراش كل صباح،

وتلاشت رغبتها في فعل أي شيء، حتى أبسط الأمور التي كانت تسعدها، مثل قراءة كتاب أو التحدث مع صديقاتها.

تحولت غرفتها إلى ما يشبه الكهف المظلم، لا ترى فيه إلا نفسها، وأفكارًا سلبية تلتهم طاقتها. شعرت بفقدان تام للسيطرة على حياتها،

وبدأت تخشى الخروج من المنزل، تتجنب التجمعات، وتتهرب من الرد على مكالمات هاتفها. كانت تشعر بثقل لا يصدق على صدرها، وكأن هناك صخرة جاثمة عليها تمنعها من التنفس بعمق.

عانت من نوبات بكاء لا إرادية، وشعور دائم بالذنب والخجل من حالتها. لقد كانت تعاني من الاكتئاب.

في البداية، حاولت نور أن تتعامل مع الأمر بمفردها. بحثت عن حلول سريعة على الإنترنت، لكن لا شيء كان يجدي نفعًا. تفاقمت حالتها، واذدادت سوء

وبدأت تؤثر على دراستها وعلاقاتها باصدقائها واهلها. لاحظت والدتها التغيير الجذري في ابنتها ، فتشجعت نور أخيرًا على فتح قلبها والتحدث عما تمر به. كانت تلك هي الخطوة الأولى والأكثر أهمية: طلب المساعدة.

بعد تردد، وافقت على زيارة طبيب نفسي. شعرت بالخوف والقلق قبل الجلسة الأولى، كانت تتساءل “هل أنا مجنونة؟” “ماذا سيظن الطبيب عني؟”. لكن الطبيب كان لطيفًا ومتفهمًا، وأوضح لها أن ما تمر به هو مرض مثل أي مرض آخر، قابل للعلاج.

بدأت نور رحلة العلاج النفسي. كانت الجلسات الأولى صعبة، ففيها اضطرت لمواجهة مشاعرها وأفكارها المظلمة التي طالما تهربت منها. تعلمت نور في الجلسات أن الاكتئاب ليس ضعفًا شخصيًا،

بل هو خلل في كيمياء الدماغ يتأثر بالعوامل الوراثية والبيئية والنفسية. شرح لها الطبيب أهمية العلاج الدوائي في بعض الحالات للمساعدة في إعادة التوازن الكيميائي للدماغ،

وأوضح لها أن العلاج السلوكي المعرفي (CBT) سيساعدها على تغيير أنماط التفكير السلبية والسلوكيات المدمرة.

لم تكن الرحلة سهلة. كانت هناك أيام تشعر فيها باليأس وترغب في التوقف. لكن بدعم من طبيبها وأسرتها، استمرت نور. تعلمت تقنيات الاسترخاء،

وكيفية تحديد الأفكار السلبية وتحديها، وكيفية إعادة بناء روتين يومي صحي. بدأت تمارس الرياضة بانتظام، وتعود للاهتمام بهواياتها القديمة، وتخصيص وقت للعناية بنفسها.

بعد عدة أشهر، بدأت بوادر التحسن تظهر بوضوح. عادت الابتسامة إلى وجه نور ، لكن هذه المرة كانت ابتسامة حقيقية صادرة من أعماق قلبها.

استعادت طاقتها ونشاطها، وعادت لتشارك في حياتها الاجتماعية. لم يختفِ الاكتئاب تمامًا بين عشية وضحاها، فالعلاج رحلة مستمرة، لكن نور تعلمت كيف تتعامل مع التحديات،

وكيف تخرج من اروقه الظلام الي أرض النور بكل شجاعه وقوه ، وكيف تطلب المساعدة عندما تحتاجها.

أصبحت نور تتحدث عن تجربتها بشجاعة، لتوعية الآخرين بأهمية الصحة النفسية. كانت تدرك أن طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل هو قوة وشجاعة،

وأن الشفاء ممكن لمن يملك الإرادة والمساندة. لم تعد آية تلك الفتاة المحبوسة في ظلمة غرفتها، بل أصبحت نورًا يشع أملًا لكل من يمر بتجربة مشابهة.

 

الاكتئاب والحياه “” نور في أروقة الظلام “”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى