مقالات ووجهات نظر

حدوتة “كعك العيد” وأصل الحكاية !!

 

حدوتة "كعك العيد" وأصل الحكاية !!

حدوتة “كعك العيد” وأصل الحكاية !!

كتبت / سلمى محمد.

مهما مرت السنوات تظل بالذاكرة الذكريات الجميلة محفورة ..لمة العيلة وكعك العيد …

وسط روائح العجين وأصوات الصاجات فى البيوت المصرية والمخابز وإعلانات الكحك الجاهز فى الشوارع والقنوات الفضائية،

يثور تساؤل لدى الكثير عن فرحة المصريين بعيد الفطر المرتبطة بالكحك، لنبحث عن أصل الحكاية والتى نسردها فى السطور التالية….

يعود الكحك إلى أيام الفراعنة القدماء، فبحسب ما ذكر فى كتاب “لغز الحضارة الفرعونية” للدكتور سيد كريم..

 اعتادت زوجات الملوك على إعداد الكحك وتقديمه للكهنة القائمين على حراسة الهرم خوفو يوم تعامد الشمس على حجرة خوفو،

وكان الخبازون يتقنون إعداده بأشكال مختلفة وصل عددها إلى 100 شكل وكانوا يرسمونه على صورة شمس وهو الإله” رع”

وهو الشكل البارز حتى الآن، وقد ظهرت صور لصناعة كحك العيد فى مقابر طيبة ومنف.

“كحك ” كلمة قبطية مصرية قديمة تعني القرص المنقوش علي شكل شمس وتلفظ كحك وهي في الأصل” كعكة “وأصلها هيروغليفي ..

أصل الكلمة يأتي من “عك” وتعني عجن بالقبطية

 وذلك سبب

تسمية هذه الحلوي بالكحك في مصر ..

وبعد إنتشارها في دول عربية أخري تمت تسميتها” بالكعك”

كانت تقدم في الأعياد وصورت كقرابين كذلك علي جدران

المعابد والمقابر ..

ومعني كلمة “كحك “في اللغة العربية خبز يعمل من الدقيق والسكر والسمن ويسوي مستديرا كما جاء في المعجم الوسيط.. 

 ظهرت صور لصناعة كحك العيد في مقابر طيبة ومنف

وخاصة في مقبرة الوزير “خميرع” في

 الأسرة الثامنة عشرة 

بطيبة التي تشرح أن عسل النحل كان يخلط في السمن ويقلب علي النار ثم يضاف علي الدقيق ويقلب حتي يتحول 

إلي عجينة يسهل تشكيلها بالأشكال التي يريدونها ثم يرص

علي ألواح” الاردواز “ويوضع في الأفران كما كانت بعض الأنواع تقلي في السمن أو الزيت واحيانا كانوا يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف ” العجوة ” أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالبندق والزبيب ..

ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل.. 

 

ويرجع تاريخ كحك عيد الفطر في التاريخ الإسلامي إلي الدولة الطولونية ” 868 – 905م وكان يصنع في مطابخ قصر الحاكم وكان يضع في قوالب منقوشة عليها عباراة

“كل واشكر” او “كل واشكر مولاك” وغيرها من العبارات التي تحمل ذات المعني ويتم توزيعه علي المصريين وكان يتم نقشه برسومات مختلفة ومازالت تلك القوالب موجودة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة في مصر ..

وفي عهد الدولة الاخشيدية ” 935 – 969 ” كان وزير الدولة ابو بكر محمد بن علي المادراني مهتما بصناعة الكحك في العيد

فكان يحشوه بالدنانير الذهب وكان يطلق عليه حينها “أفطن إليه” أي إنتبه للمفأجأة وكانت تسمي بكحك أنطونلة ..

وفي عام 1124م خصص الخليفة الفاطمي مبلغ 20 ألف دينار لعمل كحك عيد الفطر فكانت المصانع تتفرغ لصنعه منذ منتصف شهر رجب وحتي منتصف شهر رمضان وكان الخليفة يتولي توزيعه بنفسه

وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترا 

وتحمل 60 صنفا من الكحك والغريبة 

من المعروف أن ظاهرة الحلوي بالأعياد إزدهرت خلال الفترة

الفاطمية بالقاهرة 

كما أنشأت في عهده أول دار لصناعة الكحك سميت “دار الفطرة” وكان حجم الكحكة الواحدة في حجم رغيف الخبز

كما تم تخصيص ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان ولذلك أطلق علي عيد الفطر “عيد الحلل”..

حاول صلاح الدين الأيوبي جاهدا القضاء علي كل العادات

الفاطمية ولكنه فشل في القضاء علي عادة كحك العيد وباقي

عادات الطعام التي مازالت موجودة إلي اليوم.. 

ويقال أن الكثيرين من الأمراء الأيوبين إحتفظوا بأمهر الطباخات اللاتي تخصصن في عمل أصناف الكحك في القصور وكانت أشهرهن “حافظة” التي عرف إنتاجها باسم 

“كعكة حافظة ” ..

ولما جاء المماليك إهتموا بالكحك واهتموا بتوزيعه علي الفقراء واعتبروه من الصدقات.. 

كما إنعكست الفنون الإسلامية علي أشكال الكحك فصنعت

له القوالب المنقوشة بشتي أنواع الزخارف الإسلامية لاسيما 

الهندسية والنباتية منها وكانت بعض هذه القوالب علي هيئة 

أشكال للحيوانات والطيور.. 

حدوتة "كعك العيد" وأصل الحكاية !!

واستمرت صناعة الكحك في العصر العثماني 

واهتم سلاطين العثمانيين بتوزيع الكحك في العيد علي

المتصوفين والتكيات والخانقات المخصصة الطلاب والفقراء ورجال الدين.

 وأصبحت عادة سنوية فى هذه الفترة.

وظلت هذه العادة تتوارث جيلا بعد جيل وعهدا بعد عهد لم يستطع أحد القضاء عليها، وفي متحف الفن الإسلامي بالقاهرة في مصر

توجد قوالب الكعك عليها عبارات “كل هنيئًا واشكر” و”كل واشكر مولاك” وغيرها من العبارات التى تحمل ذات المعنى.

وظلت هذه العادة تنتشر لتدخل فى البيوت المصرية ويتجمع الأهالى لإعداد كحك العيد، ومع مرور السنوات أصبح الكحك الجاهز

هو وسيلة الكثير من الأسر المصرية حرصا على الوقت والمجهود فى صناعته،

إلا أن وجود الكحك فى العيد سواء مصنوع بالمنزل أو جاهزا عادة لا غنى عنها عند المصريين…

حدوتة “كعك العيد” وأصل الحكاية !!


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة