مقالات ووجهات نظر

النسوية ودورها بين الرجل والمرأة

النسوية ودورها بين الرجل والمرأة

النسوية ودورها بين الرجل والمرأة

 

بقلم / دكتور حازم أبو غابة

متابعة / نجوى راغب

 

حركات Feminism (النسوية) تهدف هذه الحركات إلى تعريف وتأسيس المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الاجتماعية والإقتصادية والسياسية والشخصية،

وتعتنق فكرة أن المجتمع هو مجتمع ذكوري متسلط يمنح أفضلية مطلقة للرجل على المرأة ويعاملها بشكل يفتقر إلى العدالة،

ومن ثَم فقد نشأت هذه الحركات لمحاربة العداء والتمييز ضد المرأه وهذا امر لا يرفضه منصف عاقل

فبعض المجتمعات ومنها المجتمع المصري وفي القلب منها المجتمع الصعيدي عانى لفترات طويله من تمييز الرجل على المرأة ولا زالت آثار هذا التمييز قائمه إلى يومنا هذا وإن كانت بصورة ودرجات أقل حدة، ولكن بقصد أو دون قصد

قد تحولت نبرة تلك الحركات النسوية من محاربة أضطهاد المرأة ومقاومة العنف ضدها إلى أضطهاد الرجل وشن صور مختلفة من الحروب الكلامية والموقفية تجاهه

فأصبحت تمارس ضده ما أُنشئت لمحاربة ممارسته ضد المرأة في تناقض يثير تساؤلات عدة ويحتاج لتفسيرات كثيرة!!! .

و بنظرة تحليلية لتاريخ العلاقه بين الرجل والمرأة على مر العصور الإنسانية لوجدناها في الإسلام قد أسست على ثوابت المودة والرحمة والاحترام المتبادل بين الطرفين

بما يضمن ترابط المجتمع وسلامته وأستمرار بقائه، والآيات التي تحث على ذلك في القرآن الكريم كُثُر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى في محكم التنزيل: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”

فالآية الكريمة تشير إلى أن قوام العلاقه هو الأمان والسكينة المبنيان على المودة والرحمة، والسُنة النبوية المطهرة تزخر بأحاديث عدة في أمر الرجال بإكرام المرأه وحسن معاشرتها حال قيام العِشرة بينهما بل وإيصائه بحُسن المفارقة عند إستحالة دوام العلاقة الزوجية بينهما مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء خيرًا” وغيرهما من الأحاديث التي لا يتسع المقام لسردها.

وحتى المجتمع المصري طيلة السنوات الماضية سادته علاقة في غالبية أسره وأفراده بين الرجل والمرأة يغلفها احترام وإحتواء ورقي من كلا الطرفين فكنا نجد الرجل لا ينادي الأنثى إلا ويسبق أسمها بألطف الكلمات وأرقها مثل هانم أو آنسة أو مودموزيل(كلمة فرنسية تقال للفتاة التي لم تتزوج بعد) وكان يحرص على إظهار ذلك حتى في تصرفاته حين يحرص على فتح باب السيارة لزوجته أو تهيئة المقعد الذي ستجلس عليه أو إلباسها معطفها

وعلى الجهة الأخرى كانت الأنثى تحرص على مناداة الرجل بأحب الألقاب مثل الباشا والبيه والافندي وسي فلان عن طواعيه منها ومحبه وتقدير فقد كان يشعر كلاهما أن الطرف الآخر يقوم تجاهه بما ينبغي عليه القيام به فما يكون منه إلا مبادلة الطرف الأول بالرفق واللين والاحترام.

أما الآن وقد تخلى كل منهما عن دوره وتمصل من أداء واجباته فنجد أن ميزان العلاقه قد اختل، واضطربت تلك العلاقه وساءت، بل أصبحت حربًا متبادلة بين الطرفين يرفع كلاهما فيها شعار أكون أو لا أكون والبقاء للأعنف والأقوى.

علاقة باتت على صفيح ساخن تخلى فيها الرجل عن مقومات رجولته وأسباب قوامته من النخوه والشهامه والاحتواء وأحترام الأنثى( أم، أو أخت، أو زوجة، أو قريبك، أو عضو في المجتمع ) وتحمُل مسئوليات أسرته كزوج أوكأخ أو كأحد الأرحام والأقارب، وتخلت فيها المرأه عن أنوثتها ورعايتها لزوجها وبيتها عاطفيًا قبل مهاميًا؛ فأصبح كلاهما يرى أن الآخر مقصر في واجباته وبالتالي لا يستحق الود والحب وحتى الاحترام

وتفرغ كل منهما لتوجيه إتهاماته للآخر بالتقصير والإهمال والتسلط ، وتعالت الأصوات التي وصلت لحد الصراخ فلم يعد أحدهما يسمع للآخر

ومن ثَم لم تعد المشاعر موجودة بل تلاشت ودهست تحت عجلات قطار الصراعات والخلافات، فأصبح المجتمع يعج بجرائم اجتماعية وأسرية لم نكن نعرفها إلا من خلال مطالعتنا للروايات البوليسية.

عزيزي الرجل عزيزتي المرأة لا لمثل هذا خلقتما ولكن لإعمار الأرض فأنتم خلفاء الله في أرضه ولن تعمر الأرض بالحروب ولكن بنشر أناشيد السلام والمحبة، وبقليل من الهدوء وإحكام العقل تستمر العلاقه وتدوم المحبة؛ لذا عودوا إلى رشدكم لأنكم تستقلون سفينة واحدة إن تعاونتم وصلت بكم إلى بر الأمان وسط تلاطم أمواج الحياه العاتية وصعابها، أما إن تناحرتم واختلفتم وتنافرت قلوبكم فستغرق سفينتكم وتكتبون نهايتكم واندثار مجتمعاتكم بأيديكم.

عزيزتي المرأة جعلكِ الله سكنًا وموطنًا للرجل فاحتويه ولا تستمعي لكل امرأة ممن يدعين حرصهن على حقوقكِ وعلمهن بمصلحتكِ أكثر منكِ وتحريضهن الدائم لكِ على أن تثوري على الرجل الذي هو أبيكِ وأخيكِ أو زوجكِ أو أحد أقاربكِ، وهن أبعد ما يَكُنّ عن العقلانية أو الحيادية في الطرح والمناقشة، بل إن أغلبهن قد فشلن حتى في إدارة أنفسهن وحياتهن.

إعلمي أختي الكريمة أن التعميم المطلق يتنافى مع العقل والمنطق فلا الرجل جاني في كل الأحداث ولا المرأة مجني عليها دائمًا.

لو عادت الأسرة لممارسة دورها المفقود في تربية وتنشئة أفرادها من الجنسين على أن يحترم ويحتوي كل منهما الآخر، وأن يمتثل أفرادها لتعاليم الدين الحنيف التي أوصت بأن لكل من الجنسين حقوقًا يتمتع بها وعليه واجبات يلتزم بها لما آل حال مجتمعنا لما هو عليه الآن من شقاق وتصدع واهتراء،

والعجب كل العجب أن نترك هذه التعاليم السمحاء ونبحث عن إطار ينظم العلاقات بين الرجال وشقائقهم من النساء استُقدِم لنا من مجتمعات تحرص دائمًا على أن تدس لنا السم في العسل.

أرفض العنف ضد المرأة بكل صوره (لفظيًا، وجسديًا، ومعنويًا)، كما أرفض استقواء المرأة على شقيق روحها وتخليها عن أنوثتها وكونها نبع الحنان والاحتواء للرجل والأسرة بأسرها.

أستفيقوا، وأستقيموا، وأحتووا ومعًا بحياتكم انعموا.

مع أرق تحياتي وأمنياتي للجميع بحياة يلمؤها الحب والود والاحترام والأمان.

د. حازم العريان أبوغابة.

النسوية ودورها بين الرجل والمرأة


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة