دورات العلوم البشرية بين النعمة والنقمة
بقلم/ أحمد الجرف
يعتبر الإنسان من المخلوقات الجديدة على الأرض فقد سبقته الى الأرض كائنات قدر العلماء أعمارها بملايين السنين (مثل الديناصورات والنباتات ) عاشت ثم بادت .
غير أن الانسان لم يخلق فى الأرض ولم يتدرج من كائنات كانت موجودة إنما خلق خارج الأرض كخلق خاص من ذكر وأنثى ثم أُنزل الى الأرض ليعمر الأرض مختاراً كخليفة لله فيها .
أهبط أول البشر إلى الأرض ولم يكن يعلم كيف يعمرها . فأرسل الله ملائكته يعلمونه كيف يعيش فيها . أيضاً إشترك فى تعليم الإنسان مخلوقات أخرى كالطيور قال الله تعالى
( فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ) [المائدة:31] .
علمت الملائكة نوحاً صناعة السفن بوحى من الله قال تعالى ( فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) [المؤمنون:27] .
وعلمت الملائكة داوود صناعة الحديد وتشكيله فى هيئة الدروع قال تعالى
( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ [الأنبياء:80] .
وعلمت إدريس الكثير من العلوم . قال القرطبي، كان إدريس صديقاً نبياً، أوَّل من خط بالقلم هو أول من تعلَّم كيفية خياطة الثياب من صوف وشعر الحيوانات وعلمها لقومه ،
وأول من نظر في علم النجوم والحساب وسيرها، وأول من عرف الطب ودرس الكتب، وأول من اتخذ السلاح والسيف .
وإستمرت الملائكه فى تعليم البشر فكان المعلم لسيد الخلق محمد هو جبريل عليه السلام قال الله تعالى (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ) [النجم:5] .
وتطورت تلك العلوم عبر دورات لها بدايات ونهايات بفضل ما أعطى الله الإنسان من قدرات عقلية وإبتكارية فإرتقت الحياه وسهلت المعايش جيلاً بعد جيل .
بينما ظل ذلك العلم مرجعه الى الله . حتى وصلت العلوم الى حد الافساد فى الارض هنا خرج العلم عن دورته الطبيعية .
تحكى الأيات عن أقوام سابقة ودورات علمية كانت أكثر تقدماً وهلكت . قال تعالى
( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ . الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ . وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ . وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ .فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ . [النجم 6:14] .
هذه الأيات وغيرها الكثير تتحدث عن تكنولوجيا وعلوم كانت متطورة للغاية لكنها إنتهت وإختفت وظلت أثارها لغزاً محيراً لنا .
أننا لسنا أصحاب العلوم الفذة التى لم يسبقنا اليها أحد فكيف تفسر علوم بناء الاهرامات الآن .وعلوم التحنيط وعلوم البناء داخل الصخور وعلوم الفلك الدقيقة وعلوم الطاقة . كل تلك العلوم مازالت تسبقنا بل وتعجزنا .
إننا نقع فى إشكالية علمية من وجهه نظرى فى تفسير كيف وصلت تلك الأمم لتلك العلوم وذلك حين نفسرها بطريقتنا العلمية . لم يكونوا بدائيين كما يظن البعض بل كانت علومهم سابقة متفوقة ولكن بطريقتهم التى لم نصل إليها .
يفسر ذلك أنهم بكل بساطة بدأو دورة العلم بشكل مختلف. فقد إعتمدت العلوم لدينا فى الأساس على علوم الطاقة الأحفورية ثم النووية نهاية . بينما من المرجح أن دورة العلوم فى تلك الأمم إعتمدت مساراً مختلفاً كعلوم للجاذبية وعلوم هندسية مختلفة جعلت إستخدام الطاقة التى نعرفها يفقد الكثير من أهميته فى عصرهم .
إننا فى منحة إلاهية ودورة علمية ليست أكثر تفوقاً مما مضى والفيصل فى إستمرارها أونهايتها هو الإستخدام السليم لتلك المعطيات . أما اذا افسدنا نحن البشر باستخدام تلك العلوم فإن النتيجة المحتومة ستكون نهاية تلك الدورة الى جيل جديد بنظريات جديدة بعلوم مختلفة.
قال تعالى ( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ . ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَىٰ أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ . اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) [الروم11: 8] .
دورات العلوم البشرية بين النعمة والنقمة
