عادات وتقاليد عاشوراء بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية جنوب الجزائر

عادات وتقاليد عاشوراء بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية جنوب الجزائر

عادات وتقاليد عاشوراء بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية جنوب الجزائر

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنس

عادات وتقاليد عاشوراء بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية جنوب الجزائر

طبق الفول سيدة المائدة الشعانبة وزينتها يوم عاشوراء

مقدمة :

عاشورا اليوم الأغر من شهر الله الحرام, يوم ذو أهمية لا يغفل عنها الكثير عبر إرجاء المعمورة في بلاد المسلمين.

يوم فضيل يوليه أغلبية المسلمين أهمية كبيرة , وهو اليوم الذي نجى فيه الله سبحانه و تعالى سيدنا موسى عليه من بطش فرعون و قومه, و الذي صامه شكرا لله و الذي آمرنا الحبيب المصطفى عليه الصلاة و أزكى التسليم بصيامه, كون المسلمين أحق بموسى ابن عمران, كما جاء في كتب السيرة النبوية و الحديث .والتي تعتبر شعيرة مميزة تكتسي مكانة خاصة في المجتمع .

كما يرتبط يوم عاشورا بالركن الرابع من أركان قواعد الإسلام, و هي الزكاة التي أمر الله عز و جل رسولنا الكريم إن يأخذ من أموال المسلمين صدقة لتطهرهم. وتعبر عاشورة مناسبة عظيمة تحييها الأسر و العائلات الجزائرية عبر ربوع الوطن الحبيب عامة و من بينهم متليلي الشعانبة بولاية غرداية جنوب الجزائر, التي تولي لليوم العظيم أهمية دينية وإجتماعية يكتسيه طابع نفحات الإيمان الروحية, والذي يعتبر يوم عبادة صيام وصلاة, و يوم تكافل صدقة و إنفاق, ويوم تضامن و تواصل و صلة رحم زيارة الأهل و الأقارب و إستضافتهم. تعد عاشوراء من بين أهم المناسبات الدينية التي يحتفل بها الجميع, وتتنوع عادات إحياء هذه المناسبة تنوعا شكليا, من عائلة إلى أخرى حسب القدرة المادية لكل واحدة.

ومن العادات المتوارثة آبا عن جد منذ القديم, ما تعودت عليه العائلات بمتليلي الشعانبة, الحرص على إحياء هاته المناسبة الدينية بممارسة بعض التقاليد المتوارثة عن الأجداد، من بين أهمها، التمسك بالصيام يومي تسوعة وعاشورة ,التاسع والعاشر والإقتداء بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم.

التحضير لعاشوراء:

التحضير لعاشوراء في العائلات المتليلي الشعانبة ينطلق منذ أيام عديدة لشتى الأمور عامة ومن يوم عيد الأضحى خصوصا لكونه يوم فرصة ثمينة لا تعوض وهو وجود اللحم ,أين تستغل الأمهات الفرصة في تشريح بعض اللحم و نشره ليجفف بما يعرف بالقديد من الأضحية إعداد طبق مناسبة عاشوراء وتحضر الكرداس وما ادراك بالكرداس القنبلة الدسمة عديدة المكونات للمناسبة عاشورة ولفصل الشتاء وإعدادا طبق عيش الصراير والشعير.

العاشوراء موسم لإزدهار تجارة الفول والحمص.

يزداد الطلب على مادة الفول والحمص بكميات كبيرة وهي المادة التي لا يمكن الإستغناء عنها ولا التفريط فيها. فمناسبة عاشوراء بدون فول شيء لا يصدق.

طبق الفول زينة المائدة يوم عاشورة:

ويبقى الفول عادة متأصلة ومتجذرة متوارثة أبا عن جد, ومن جيل لأخر منذ قرون خلت لإحياء يوم عاشوراء. ويعد طبق الفول أحد هذه التفاصيل التي تكافح الأمهات اليوم للحفاظ عليه كعادة وموروث وتعمل على نقله إلى الأجيال القادمة عن لم نقول توريثه.

في مثل هذه المناسبة الدينية التي إنسجمت منذ قرون عدة خلت بالتراث التاريخي الثقافي للمنطقة حتى أصبحت تقليدا راسخا هاما في القاموس الإجتماعي، إن لم نقول وصية وترتبط عملية تحضير هذا الطبق الذي يطهى بالأيام التاسع والعاشر والحادي عشرة.

طبق مصاحب لكل الوجبات والجلسات العائلية خلال هذا اليوم، فضلا عن عادة تبادله بين الجيران والأهل والأقارب، لا تكاد تخلو من الفول الذي لابد أن يكون حاضرا بقوة في هذه الفترة من السنة تحديدا،

ويبقى من أبرز العادات والتقاليد التاريخية الصامدة في وجه الزمن والتغييرات التي طرأت على المجتمع والتي كادت أن تفقدته الكثير من المعالم التي كانت تميزه ويفتخر بها، فإحياء عيد عاشوراء في متليلي الشعانبة تغير في الكثير

تحرص الكثير من الأسر وأغلب العائلات في متليلي الشعانبة على الإستعداد التجهيز للعاشوراء بإستخراج كمية الفول المخزونة لمناسبة عاشورة أو شرائه مع الحمص اليابس من محلات البقوليات وغيرهم من باقي المستلزمات. ثم يم فرزه وتنقيته ونقعه ليوم أو يومين مع تجديد الماء دوريا تحضيرا لطبخه مساء اليوم التاسع من شهر محرم على نار هادئة حتى ينضج أو فجرا صباح اليوم العاشر يوم عاشوراء ليكون طبق الأكلة الشعبية المفضلة للعائلة والمنتظرة للأطفال ويوزع جزء منه للصدقة على الجيران وجزء منه للأطفال. سواء أبناء الجيران بالحي أو طارقي الباب للظفر بنصيب من الفول.

وبينما يرى البعض وهم أقلية أن طبق الفول و توابع و العادات و التقاليد التي تقوم العائلات والأسر انها بدعة ولا علاقة لها بيوم عاشوراء وهو يوم مخصص للعبادة بصيامه وصيام يوم قبله أو يوم بعده معه. ورغم كل معارضة ومنع ورفض. إلا أن الغالبية يؤكدون على أن طبخ الفول والحمص في يوم عاشوراء نوع من العادات الإجتماعية العريقة والتي يتوارثها الأبناء عن الأباء والأجداد وتدخل ضمن التقاليد الراسخة والتي يطلق عليها العادة والعوايد والتي تتشكل منها هوية المجتمع الشعانبي وخصوصيته .

ويبقى الفول طبق أساسي ووجبة غنية للجميع و بدون غستثناء يأكل منها القريب والغريب الغني و الفقير.

عادات وتقاليد:

وإحتفالا بيوم عاشورا بعد الصيام و الحرص عليه يوم التاسع و العاشر ( تسوعة و عاشورا ) تقوم العائلات بإعداد أنواع معينة من الأطباق المتنوعة و المميزة والتي تحرص عليها كل الحرص, خاصة التقليدية,أغلبها أطباق العجائن, التي طالما زاد الشوق لها و إنتظارها بشغف في إنتظار حلول هذا اليوم المميز, منها طبق الكسكسى المفضل بلحم القديد بما يعرف بالخليع وهو لحم عيد الأضحى المشرح و المجفف وحاليا المجمد وهو الطبق بلا منافس الذي لا يعرف غيره سابقا, طبق الفول و وطبق الفول والحمص كما يعرف مالح وبنين وقطع خبر المطلوع التي تعرف بالقرصة.

وزادت للقائمة أطباق الشخشوخة, الرشتة, و ما شابه ذلك التي جاء بها ساكنوا المدينة من مجن ومناطق أخرى من الوطن مثل بسكرة وقسنطينة وغيرها.وهي الأطباق التي تتبادلها العائلات فيما بينها و تهدى للجيران عامة و للأحبة خاصة صباحا وقت الضحى.

ويتم السمر ليلا بين العائلات و الأهالي , خاصة الأبناء الغير ساكنين مع ذويهم على مائدة الحلويات و المكسرات بما يعرف بالدراز, منه كاكاو (الفول السوداني) سبسب الغني بالفيتامينات و الدهنيات و المواد الزيتية الطبية, و على صينية الشاي بالنعناع, خاصة على الجمر و ماء بئر سيد الشيخ.

ومن العادات التي كانت تطبق سابقا, هي جلب الماء صباحا باكر من بئر الوالي الصالح سيدي مولاي سليمان, إعتقادا إن مائه يجري به ماء زمزم, لإغتسال به و للتطهر, كما تمنع الخياطة و لمس الإبرة بتاتا, خاصة في اليوم الأغر اليوم العاشر مع الحرص على اللبا التقليدي والتعطر و لبس الحلي للبنات حرصا على التظاهرة الإجتماعية والتمسك بالأصالة.

ومن العادات المميزة و التي بقي وقع أثرها راسخ لايمحى ولا ينسى رغم إنداثرها هي لعبة شايبة شيبة كيلوا فرينة وهي لعبة رقصة شعبية فولكورية حسب الرواية من توات وباقي جهات أقصى الجنوب, و لعبة الدمية التي هي عبارة عن تحفة عروس ميزنة باللباس و بعض الأشياء والحلي يحمل الأطفال و البنات يجبون بها الشوارع يدقون أبواب مناول الجيران بالآحياء بالقصر القديم خاصة السوق وشارع مولاي سليمان وتقوم العائلات بمنحهم بشيء من الحلويات و النقود و المألكولات بما يعرف و يسمى بالمعروف (الصدقة) ويعود الجمع يدعون و يهللون مبسوطين و في حالة عدم صدهم و عدم إعطائهم أي شيء يقومون برمي الأبواب و ركلها مرددين عبارة ( بم بم كسر البرم ) في جو قال فكاهي . وهي العادة التي حرمت و منعت ولم تعود قائمة , مثلها مثل قطع الخبز المعروفة بالقرصة كما سلف ذكره بحجة أنها عادة يهدوية من تقاليدهم و لا يمكن التشبه بهم كوننا مسلمين.

كما يعتبر يوم عاشوراء فرصة للم الشمل والحفاظ على الروابط و الأواصر الأسرية من خلال الزيارات و الضيافة و صلة الرحم وإصلاح ذات البين للكثير من المتخاصمين.

لعشور و التعشار ( نصاب الزكاة):

ومن بين العادات والتقاليد التي لم يتم التخلي عنها, هي إخراج الزكاة في هاته الأيام متتالية تباعا, بعدما إرتبط يوم عاشوراء عند الناس بزكاة المال والنصاب التي دار عليها الحول ، فقد تحول يوم عاشوراء إلى يوم عظيم، بعد ما تم ربطه بفرض إسلامي إجتماعي وهو الزكاة، إلى درجة أن الصدقات العادية صارت تسمى بالعامية “ لعشور أو أتعشار”، ورغم أن إخراج الزكاة المفروضة, ليست مرتبطة مثل فريضة الصيام برمضان، وفريضة الحج بذي الحجة، وإنما بمرور حول كامل على مبلغ معين من المال، ونصاب معين, ولكن يصر الكثير من المواطنين على إخراج زكاتهم السنوية في هذا اليوم وهذا الشهر, الذي يعتبرونه مباركا تضاعف فيه الأموال، خاصة إذا تعلق الأمر بآبائنا وأمهاتنا و أجدادنا، حيث نجد أن نسبة كبيرة منهم تحرص على إخراجها و توزيعها على مستحقيها من الفقراء و المساكين.

حكايات و أساطير:

ومن جهة باقي العادات والتقاليد والتي فيها كثير الحكايات والقصص , بحيث يتم تقصير الشعر وقصه لكي يزداد طولا و جمالا, و فتح الأبواب والنوافذ و الخزائن المغلقة في هذا اليوم. والذي تسبقه ليلة العاشر وضع الحلي والمجوهرات الذهبية في الطبق فوق السطوح وأعلي البنايات لضوء القمر تبركا وتمنيا بنماء الرزق والزيادة فيه. كم يدخل في سياق كذلك وضع الحنة خاصة للبنات إعتقادا إن ذلك يزيدهم عطفا كما يقال بالعامة (الحنة باش أتحنن قلبوهم ) ويوضع الكحل إعتقادا أن من قام بذلك لن تمرض عيناه أبدا، بينما يرى البعض في ذلك تبركا وإكتحالا للسنة, وكذا الإغتسال في هذا اليوم بالذات.

بعيدا عن الإحتفال بهذه الذكرى السنوية المباركة والمناسبة العظيمة في شقها الديني، لازالت طقوس العادات والتقاليد لإحياء عاشوراء تضرب في أعماقها التاريخية لتحكي تفاصيلها التي تزداد العائلات والأهالي في هذا اليوم الأغر أكثر تشبث بالبقاء عليها وإحيائها في البيوت الشعانية والغرداوية عامة وباقي جهات الوطن.

تغيير وإحتفاء بعض العادات والتقاليد:

من الأمور والأشياء التي تغيرت وأندثرت, عما كان عليه في السابق، حيث إختفت تفاصيل وطقوس عديدة كانت تطبع الأحتفال بهذا اليوم ولازالت قله قليلة ممن تتمسك بهذه العادات على غرار

“شايبة شائبة عاشوراء – شايبة شايبة كليو فرينة”

التي كانت تشكل إحدى اللوحات المسرحية الفنية التي تضفي بهجة على أجواء الإحتفالات بهذا العيد المنساباتي الروحاني .

وتتلخص فكرتها في تجمع عدد من أطفال الحي بعد وقوع إختيارهم على واحد منهم لأداء الدور كما هو مطلوب منه ويتبعه البقية، يتنقلون بين البيوت المجاورة طلبا لمواد غذائية مهما كان نوعها وحجمها وحسب الموجود ويجتمعون في الأخير لدى إحدى الأمهات في الحي ويشاركونها في طهي طبق الفول , بحيث هذه العادة تحمل الكثير من معاني التضامن والتكافل الإجتماعي والتدريب على العمل الجماعي وكذا المنافسة من خلال منافسة مجموعات أخرى في التمكن من جمع المواد المطلوبة لإعداد الطبق، فضلا عن بعدها الفني الإبداعي الذي يتطلب من الأطفال إظهار كل فنياتهم لجذب الإنتباه لم تختفي تماما، إذ لازالت بعض الأحياء والعائلات التي كانت تحيي هذه العادة في عاشوراء تتذكرها وتعيش ذكرياتها و ترزيها للأجيال بكل حسرة.

وعليه, فرغم كل ذلك يبقى يوم عاشوراء, مناسبة دينية وفرصة للتقرب من الله والتمسك بديننا الحنيف و الإقتداء بسنة الحبيب صلى الله عليه و سلم.

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال و كل عام و الآمة الإسلامية قاطبة بآلف خير أعاده الله على الجميع بالخير و اليمن و البركات.

 

عادات وتقاليد عاشوراء بمتليلي الشعانبة ولاية غرداية جنوب الجزائر

Loading

عن هند معز

شاهد أيضاً

المساء العربي تهنئ المهندس حموده السمالوسي

المساء العربي تهنئ المهندس حموده السمالوسي بقلم محمد قبيصى يتقدم مجلس إدارة جريدة المساء العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *