أطياف صغيرة في عالم كبير عصماء بنت محمد الكحالية
في كل مجتمع، يظهر نمط متكرر مثل ظلال الأشجار في الظهيرة: هناك من

أطياف صغيرة في عالم كبير
عصماء بنت محمد الكحالية
في كل مجتمع، يظهر نمط متكرر مثل ظلال الأشجار في الظهيرة: هناك من يقفون عاليًا، وثابتين كالأعمدة، وهناك من يتراقصون في النسيم، أصغر حجمًا، وربما أكثر حركة ومرونة.
الذي يقف مرتفعًا، قد لا يرى دائمًا جمال العشب الصغير، أو يظن أن حجمه يعادل قيمة المكان. لكنه يتناسَى أن العشب، رغم طوله، يحمل الحياة، ويحيي الأرض برقةٍ لا تشبه صلابة الجذع.
https://masaaraby.com/?p=355516&preview=true
في ساحات الأدب، حيث تتلاقى الأفكار وتتنافس الكلمات، تجد دومًا مَن يستصغر الأصغر. لا ليس بسبب الفكرة نفسها، بل بسبب عامل وحيد: السن. وكأن الأفكار الكبيرة لا يمكن أن تنبع إلا من عمر مُعتمد في سجل الأيام.
في بعض الأحيان، ينشغل كبار القامات بترتيب مواقفهم، في حين تُولد أفكار صغيرة تتسلل من بين أصابع الزمن، حاملةً معها طاقة لا تخبو. وعندما تتلقى هذه الأفكار ذِكرًا حسنًا، لا بد من أن تُهمشها أصوات صاخبة، تحاول إسكاتها بسخرية أو تقلل من قيمتها.
ربما الأمر ببساطة خوف من فقدان السيطرة، أو محاولة للحفاظ على معايير قديمة لم تعد تجدي نفعًا في عالم يتغير بسرعة. الغموض هنا يكمن في أن هذا الاستصغار لا يُقال صراحة، بل يُمارس خفيًا، وكأنه سرٌ صغير يخفي ضعفًا كبيرًا.
لكن الحقيقة أن الزمان لا يحكم بالقامات فقط، بل بالأثر. وربما لا ندرك أننا كلما استصغرنا صغيرًا اليوم، قد نغلق الباب أمام نجم يتلألأ غدًا.
في النهاية، تبقى الكلمات هي الحكم، والأفكار هي التي تترك بصمة، لا حجم من يقولها. لعلّ أصغر الأصوات تحمل أعظم المعاني، تحتاج فقط لمن يسمعهم بقلبٍ مفتوح.
https://www.facebook.com/groups/2004366466535948/?ref=share&mibextid=NSMWBT
أطياف صغيرة في عالم كبير
عصماء بنت محمد الكحالية
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.