
إنكسر جوانا شيء
إنكسر جوانا شيء“انكسر جوانا شيء” ليست مجرد تعبير عابر عن الحزن، بل هي وصف دقيق لخبرة نفسية عميقة ومؤلمة. في علم النفس، يُنظر إلى هذا “الانكسار”
على أنه صدمة عاطفية أو جرح نفسي عميق يحدث نتيجة لفقدان، خذلان، ضغط مزمن، أو تجربة قاسية زعزعت الشعور الأساسي بالأمان والثقة بالنفس أو بالآخرين.
ما الذي “ينكسر” تحديداً؟
الذي ينكسر داخلياً ليس مادة، بل هو مجموعة من الأعمدة النفسية التي نبني عليها حياتنا:
1. الثقة الأساسية (Basic Trust)
هو الشعور بأن العالم مكان آمن، وأن العلاقات موثوقة. عندما نتعرض للخيانة أو الخذلان من شخص مقرب، أو لفقدان مفاجئ، ينكسر هذا الاعتقاد.
الأثر: يتحول الفرد إلى حالة من اليقظة المفرطة أو صعوبة في تكوين علاقات جديدة خوفاً من تكرار الألم.
2. مفهوم الذات (Self-Concept)
عندما ينهار شيء بالداخل، غالباً ما يتأثر تقدير الذات. قد يشعر الشخص بالعار، أو أنه كان ساذجاً، أو أنه “استحق” ما حدث.
الأثر: يؤدي إلى جلد الذات وتراجع في الإنجازات، حيث يفقد الفرد الدافع للتقدم لشعوره بأنه معيب أو مكسور.
3. القدرة على التنظيم العاطفي (Emotional Regulation):
الصدمات الشديدة أو الحزن العميق يستهلكان الطاقة النفسية. يصبح الدماغ مرهقاً من محاولات التكيف مع الألم، مما يجعل إدارة المشاعر اليومية أكثر صعوبة.
الأثر: قد يظهر على شكل نوبات غضب غير مبررة، أو اكتئاب، أو انسحاب عاطفي (تنميل المشاعر).
كيف يترجم الانكسار إلى ألم جسدي؟
نظره الي هشاشه الروح علمياً، يوضح الباحثون في علم النفس العصبي أن الألم العاطفي له مسارات دماغية مشتركة مع الألم الجسدي
متلازمة القلب المكسور (Takotsubo Cardiomyopathy)
في حالات الحزن الشديد، قد يُفرز الجسم كميات كبيرة من هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول والأدرينالين)، مما يؤدي أحياناً إلى ضعف مؤقت في عضلة القلب. هذا دليل فسيولوجي على أن الانكسار الداخلي ليس مجرد شعور، بل هو حدث بيولوجي.
من الانكسار إلى النمو (Post-Traumatic Growth)
رغم قسوة “الانكسار”، إلا أن علم النفس يؤكد على مفهوم النمو بعد الصدمة. هذه المرحلة لا تعني تجاهل الألم، بل تعني تحويله إلى وقود لتطور الذات.
الاعتراف والتقبل: الخطوة الأولى هي الاعتراف بأن “شيئاً ما انكسر”. التظاهر بالقوة يستهلك طاقة ثمينة. تقبل حالة الضعف والألم هو بداية التعافي.
إعادة البناء: بعد الانهيار، يجد الكثيرون الفرصة لإعادة تعريف قيمهم وهويتهم بعيداً عن المؤثرات الخارجية (الأشخاص الذين خذلوهم أو الظروف القاسية). يكتشفون مرونتهم الداخلية (Resilience).
إيجاد المعنى: يتم تحويل التجربة المؤلمة إلى درس، أو إلى وسيلة لمد يد العون للآخرين، مما يضيف معنى أعمق للحياة.
تذكر “انكسر جوانا شيء” هي مرحلة تتطلب رحمة ذاتية وصبر، فعملية التئام الجروح الداخلية تستغرق وقتاً. لكنها في النهاية، يمكن أن تكون نقطة تحول نحو وعي أعمق وذات أكثر نضجاً وقوة.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



