“الإدارة لا تفنى … ولكن تستحدث”
“الإدارة لا تفنى … ولكن تستحدث”
في عالم يتغير كل يوم، حيث أصبحت التكنولوجيا هي اللغة الجديدة للحياة، يبقى علم الإدارة ثابتًا في جوهره، متجددًا في أدواته وأساليبه.
فالإدارة ليست موضة عابرة ولا نظرية محصورة في زمن بعينه، بل هي مثل الطاقة: لا تفنى، بل تتجدد وتعيد تشكيل نفسها لتواكب واقعًا جديدًا وتتصدى لتحديات متغيرة.
من الماضي إلى الحاضر
فمنذ فجر التاريخ، حين كان الإنسان ينظم الجهود لبناء الأهرامات أو يسير بقوافل التجارة عبر الصحاري، كانت الإدارة حاضرة في صورتها الأولى.
واليوم، في زمن الذكاء الاصطناعي و”البيانات الضخمة” و”التحول الرقمي”، تعود الإدارة لتجدد نفسها؛ بصورة أكثر علمية، أكثر ابتكارًا، وأكثر ارتباطا بالتكنولوجيا.
وهنا نجد سؤالاً يطرح نفسه:
هل يعني ذلك أن الإدارة التقليدية فقدت قيمتها؟ الإجابة يا عزيزي … لا، فعلى العكس تمامًا. فالمبادئ الأساسية للإدارة المتمثلة في (التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة)
وما زالت تشكّل العمود الفقري لأي ممارسة إدارية. ولكن نجد أن الفرق هو أساليب تطبيق الإدارة
فقد باتت أكثر ذكاءً ومرونة. فبدلًا من الاجتماعات الورقية المطوّلة، صارت القرارات تُصاغ عبر لوحات مؤشرات تفاعلية (Dashboards)
تستشرف المستقبل قبل أن يأتي. وبدلًا من الاعتماد على الآراء الشخصية أو الخبرات الفردية، أصبحنا نستند إلى نماذج تنبؤية وأنظمة ذكية تتوقع سلوك العملاء وتكشف فرص النمو.
فعلى الرغم من ثبات جوهر الإدارة، فإن أدواتها تعيش حالة تطور مستمر. من الإدارة العلمية مع تايلور، مرورًا بالجودة الشاملة وإدارة المعرفة، وحتى الإدارة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يبقى القاسم المشترك أنها لا تختفي، بل تتجدد لتلائم متطلبات كل زمن.
الحقيقة
ومن هذا التحول تبرز حقيقة جوهرية… وهي أن المؤسسات يا عزيزي التي تتعامل مع الإدارة باعتبارها “تراثًا ثابتًا” سرعان ما تفقد قدرتها على المنافسة، بينما تلك التي تدرك أنها “علم متجدد” هي التي تملك زمام المستقبل.
فالإدارة الفاعلة لا تقوم على التمسك بالقديم، ولا على تبني الجديد لمجرد حداثته، وإنما على الموازنة بين خبرة الماضي وأدوات الحاضر.
وختاما :_ فالإدارة — باختصار — هي فن البقاء بالتجدد. فلا عجب أن نقول: الإدارة لا تفنى… ولكن تستحدث.
“الإدارة لا تفنى … ولكن تستحدث”
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.