
الست ام كلثوم بين خيال السينما وحقائق التاريخ وغضب الجمهور
منذ اللحظات الأولى للإعلان عن فيلم الست اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي وانقسم الجمهور بين متحمس لرؤية قصة “كوكب الشرق برؤية عصرية وبين متخوف من تزييف مسيرة رمز وطني وفني لم يمسسه أحد بسوء طوال عقود.
بعيداً عن المعالجة الدرامية التي قد تحتمل الفانتازيا أو المبالغة، دعونا نغوص في الحقائق الموثقة والواقع الذي عاشته فاطمة إبراهيم البلتاجي
البدايات.. هل كانت طفولة مسلوبة
في الفيلم، قد يظهر الجانب القاسي من الفقر، لكن الحقيقة أن بداية أم كلثوم كانت مهمة مقدسة لأسرتها

الحقيقة ولدت في قرية طماي الزهايرةعام 1898 (أو 1904 حسب بعض الروايات). لم يكن والدها الشيخ إبراهيم مجرد مستغل لصوتها
بل كان معلمها الأول الذي حفظت على يديه القرآن وهو ما منحها مخارج الحروف السليمة التي ميزتها عن غيرها
التنكر كانت تغني وهي طفلة بزي عقال وغترة لتبدو كصبي، ليس هرباً من أهلها، بل بسبب التقاليد الريفية الصارمة التي كانت تمنع الفتيات من الغناء في الأفراح والموالد
.علاقتها بوالدتها وأسرتها: هل كان هناك جفاء
تدور بعض الأقاويل الدرامية حول توتر علاقتها بوالدتها أو سيطرة شقيقها خالد
الواقع. كانت أم كلثوم شديدة البر بوالدتها، وعندما انتقلت للقاهرة، كانت عائلتها هي “الحصن” الذي تحتمي به. لم تكن هناك قطيعة، بل كانت هي العائل والمتحكم الأول في شؤون الأسرة بمجرد ذيوع صيتها.
الصرامة نعم، كانت شخصية أم كلثوم قوية وحازمة جداً مع أفراد أسرتها للحفاظ على سمعة “الست”، ولم تسمح لأي فرد منهم بالتدخل في اختياراتها الفنية
السجائر والخمر.. الحقيقة الغائبة
من أكثر النقاط التي تثير قلق الجمهور هي محاولة “أنسنة” الفنان بإظهار عادات سلبية لم تكن معروفة عنه.
التدخين لم يثبت تاريخياً أو في مذكرات المقربين منها (مثل الكاتب مصطفى أمين أو الكاتب محمد حسنين هيكل) أن أم كلثوم كانت مدخنة
شرهة أو عادية. كانت تخاف على صوتها خوفاً مرضياً لدرجة أنها كانت تتجنب التيارات الهوائية والروائح القوية.
الخمر أم كلثوم ن شأت نشأة دينية وتدينت طوال حياتها. كانت تحرص على صورة “السيدة الوقورة ولم
يُنقل عنها في أي محفل خاص أو عام تناول الكحوليات. كانت القهوة السادة والينسون هما رفيقا بروفاتها الطويلة
صراعات الست ليست مجرد غيرة فنية
المشاكل في حياة أم كلثوم لم تكن خناقات نسائية بل كانت معارك ذكاء
مع منيرة المهددية الصراع الحقيقي كان مع “سلطانة الطرب” منيرة المهدية التي شعرت بسحب البساط من تحت قدميها، ووصل الأمر لمحاربتها في الصحف، لكن أم كلثوم انتصرت بالترفع والتركيز على الفن
أزمة الغدة الدرقية كانت من أكبر مشاكلها الصحية التي أثرت على جحوظ عينيها، وهو السبب الحقيقي وراء ارتدائها النظارة السوداء الشهيرة، وليس نوعاً من “المنظرة” أو الموضة.
لماذا يغضب الجمهور
الجمهور لا يرفض الفيلم لأنه يكره السينما، بل لأن أم كلثوم بالنسبة للمصريين هي مشروع قومي وليست مجرد مطربة. أي محاولة لإظهارها في صورة الضعف أو “الانحلال” تُعتبر طعناً في كبرياء الشخصية التي غنت “مصر تتحدث عن نفسه
السينما قد تصنع دراما مثيرة لكن التاريخ كتبه صوت أم كلثوم الذي لم يخذل أذناً عربية قط
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.




