الناقد والمعارض والمطبل
بقلم : عماد فرغلي
تشهد الساحة الإعلامية في العالم العربي حالة من التخبط والتشكك والتشابك والتشابه مالم تشهده من قبل ، ولم نعد نفرق بين مقدم البرنامج والضيف وما بين الناقد والمعارض وما يطلقون عليه اصطلاحًا المطبل ، فعلى صعيد البرامج الاذاعية والتلفزيونية نجد المحاور أكثر تحدثا من الضيف يسأل ويطيل في السؤال وحين يبدأ ضيفه في الحديث يقاطعه ولا يبدي اهتماما بما يقوله ثم يطلق سؤاله التالي ثم الذي يليه وتنتهي الحلقة دون أن يخرج المشاهد بمعلومة مفيدة .
ونأتي للنقد ونخص بالذكر النقد السينمائي والرياضي ، فبعض نقاد السينماء للأسف غير متخصصين ويقتصر دورهم على مناصرة أصدقائهم من الفنانين والدعاية لأعمالهم ، والبعض منهم يقومون بنفس الدور ولكن بوجه آخر إذ يسعون لتشويه أعمال الفنانين الذين لا يرتبطون بصداقات معهم لصالح أصدقائهم ، أما النقاد الحقيقيون وهم قلة لكنهم مبدعون ومتميزون فهم فقط الذين ينتقدون العمل وفق المعايير الفنية الدقيقة ويهتمون بتفاصيل اللقطات وأداء الممثل وحركة الكاميرا ويبدون رأيهم في السيناريو والحوار والاخراج والانتاج دون الخروج عن سياق النقد والنقد فقط .. واذا ما تحدثنا عن الاعلام الرياضي فحدث ولا حرج فمعظم من يشتغلون في هذا المجال وخاصة عبر القنوات الفضائية الرياضية غير محايدين ويدينون بالوفاء لانديتهم ولا يخجلون من اعلان ذلك على الملأ فيهاجمون المنافس بشراسة ولا يتجرأون على انتقاد ناديهم او الحديث عن ايا من سلبياته ، ولذلك لن تنجح الجهود الصادقة لاصلاح الخلل والنهوض بالمنظومة الرياضية في وطننا العربي الحبيب بسبب عدم الحياد .
واذا تحدثنا عن المعارض ، فمن هو المعارض وما دوره ، فهل المعارض هو من يسب دولته ويهاجمها ويوظف المنصات للتشكيك في كل قراراتها ، هذا ليس بمعارض ، انه مرتزق ، فالمعارض الحقيقي هو من يشيد بالإنجازات ويقدم الحلول التي تساهم في تطويرها وتنميتها ومعالجة ما يطفو على السطح من معوقات ، لا من يسب ويتكبر ويتنمر ويتنكر لكل ما هو جميل فيها .
وأهلا بكل مطبل يمدح ويتغنى ويفخر بوطنه وبتاريخه ، ماضيه وحاضره ومستقبله ، فهل هناك انتماء أسمى من ذلك ، وما الغريب في هذا ، فهو أمر ليس حديث الشيوع إنما قديم قدم الأزل ، ألم يمدح كبار الشعراء في مختلف العصور بلادهم ورموزهم فالبحتري والمتنبي وأبو العتاهية وأبو تمام وأحمد شوقي وغيرهم نظموا القصائد لمدح الخلفاء والسلاطين والملوك والرؤساء للثناء على أعمالهم وانجازاتهم فأولئك هم الوطنيون .. أما الذين يطبلون لبلاد غير بلادهم ولرموز غير رموزهم ولرايات غير راياتهم فهؤلاء هم الخائنون .
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.