مقالات ووجهات نظر

بين الانضباط والعقاب.. مدارس تغلق أبوابها في وجه طلابها والأهالي: “كفاية ضغوط!”

كتب / سماح عبد العزيز

بين الانضباط والعقاب.. مدارس تغلق أبوابها في وجه طلابها والأهالي: “كفاية ضغوط!”

في زمن تتراكم فيه الضغوط على الأسر، وتتشابك فيه الأعباء بين مسؤوليات الحياة وضغوط المعيشة وتحديات تربية “جيل التيك توك” والإنترنت، تظهر أزمة جديدة تزيد النار اشتعالًا: مدارس تغلق أبوابها في وجه الطلاب المتأخرين دقائق معدودة، غير عابئة بالظروف ولا بالمسافات ولا بزحام المواصلات.

فهل يُعقل أن يُحرم طالب من يومه الدراسي لمجرد تأخير بضع دقائق؟
وهل الانضباط يتحقق بإغلاق الباب في وجه طفل جاء يسعى إلى التعليم؟

يقول أولياء الأمور إن الذنب الحقيقي تتحمله الإدارات التعليمية التي ترفض كل عام مئات من طلبات التحويل إلى المدارس الأقرب للسكن، لتُجبر الأسر على التنقل يوميًا لمسافات طويلة وسط زحام المواصلات.
“لو المدارس قريبة من بيوتنا، ما كانش فيه تأخير ولا فوضى”، هكذا يعبّر أحد أولياء الأمور عن الواقع المرير الذي يعيشه آلاف الطلاب يوميًا.

وأشاروا إلى أنه في الماضي، كانت المدارس تتعامل مع التأخير بأسلوب تربوي أكثر توازنًا، مثل تكليف الطالب بتنظيف ساحة المدرسة أو أداء بعض المهام الخفيفة، دون حرمانه من الحصص أو تعريضه للانحراف خارج أسوار المدرسة.
أما الآن، فإن منع الطلاب من الدخول قد يدفع بعضهم إلى التسكع في الشوارع أو التغيّب المتكرر دون علم ذويهم.

ويضيف آخر: “الولد يتأخر ربع ساعة فيتمنع من الدخول، طب يروح فين؟ الشارع؟ إحنا في زمن صعب، والعيال بتضيع من أقل فرصة، والشارع مفتوح، ومواقع التواصل بتخطف عقول العيال، والإنترنت فاتح كل الأبواب الغلط. المفروض المدرسة تحتوي مش تطرد”.

ويرى الأهالي أن إغلاق الأبواب ليس نظامًا بل قسوة غير تربوية، فبدلًا من معاقبة الطالب بالحرمان من التعليم، يمكن تطبيق عقاب تربوي داخل المدرسة يحقق الانضباط دون تدمير نفسية الطالب أو تعريضه للشارع، مثل تكليفه بمهام بسيطة أو أعمال خدمية، أو خصم درجات السلوك، بحيث يتعلم الانضباط من خلال المشاركة لا الإقصاء.
ولا يجوز تركه فريسة للفراغ والشارع.

ويؤكد خبراء التربية أن المنع والطرد يخلقان فجوة بين الطالب والمدرسة، وبدل أن يشعر الطفل بالخطأ، يشعر بالرفض، فيبدأ بالتمرد والغياب. وهكذا تتحول المدرسة من بيتٍ للتربية إلى ساحةٍ للعقاب.

“كفاية ضغوط.. الأهل مش ناقصين!” هكذا أنهت إحدى الأمهات حديثها والدموع في عينيها، مؤكدة أن المدارس أصبحت شريكة في إرهاق الأسر بدلًا من دعمها، في وقتٍ تحتاج فيه البيوت والمدارس أن تتحد، لا أن تتصارع، لتربية جيلٍ فقد التوازن بين الانضباط والحرية.

واختتم أولياء الأمور باستغاثة عاجلة لوزارة التربية والتعليم لإعادة النظر في هذه القرارات المتعسفة، مطالبين بقدرٍ من المرونة والإنسانية، لأن العقاب بهذه الصورة لا يصنع انضباطًا، بل يولّد العناد واللامبالاة.

الانضباط مطلوب.. لكن الرحمة أولى.
مش كل تأخير استهتار، أحيانًا بيكون غصب عن الكل.
افتحوا الأبواب، فالتعليم مش جريمة.


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading