مقالات ووجهات نظر

بين الحقيقة والتشهير : الإعلام الشريف لا يُدار بالمصالح

بقلم – ماجد مصطفى

بين الحقيقة والتشهير : الإعلام الشريف لا يُدار بالمصالح

بين الحقيقة والتشهير : الإعلام الشريف لا يُدار بالمصالح

 

في زمنٍ تتسارع فيه المنصات وتتشابك فيه المصالح، باتت الكلمة تُستخدم كسلاح، والمنبر الإعلامي يتحول أحيانًا إلى ساحة لتصفية الحسابات. لم يعد بعض من يصفون أنفسهم بالإعلاميين يلتزمون بميثاق الشرف، بل باتوا يصدرون الأحكام ويُطلقون الاتهامات دون سند أو دليل، وكأنهم فوق القانون وفوق المؤسسات.

هذا تمامًا ما يتعرض له المهندس مصطفى مجاهد ، رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقليوبية، من حملة إعلامية مشبوهة، يقودها بعض من تربطهم مصالح سابقة، في محاولة للنيل من سمعته المهنية، رغم ما حققه من إنجازات ملموسة في خدمة قطاع حيوي يمس حياة ملايين المواطنين.

الاتهامات المتداولة تتحدث عن فساد مالي وتلاعب إداري، دون أن تُرفق بأي مستند رسمي أو إجراء قانوني. بل إن من يقود الحملة هو طرف تعاقدي سابق، ما يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية: هل هي وطنية كما يُروّج، أم مصالح تجارية لم تُلبَّى له ؟

الواقع أن شركة مياه القليوبية، تحت قيادة المهندس مصطفى مجاهد، حققت إنجازات بارزة، أبرزها حصول محطة مياه سرياقوس على شهادة الجودة العالمية TSM، وهي شهادة لا تُمنح إلا للمرافق التي تلتزم بأعلى معايير التشغيل والصيانة والسلامة. فهل يُعقل أن تُمنح هذه الشهادة في ظل إدارة فاسدة كما يُزعم؟

ومن بين ما يُثار أيضًا، أن مجاهد يعتزم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على قائمة أحد الأحزاب ، وكأن ذلك يُعد تهمة. والحقيقة أن الترشح حق دستوري مكفول لكل مواطن. أما ما يُقال عن بلوغه سنًا معينة، فهو أمر تنظيمي يخضع لتقدير الجهات المختصة، التي ارتأت استمرار الرجل في منصبه نظرًا لكفاءته وخبرته الطويلة، وهو ما تؤكده إنجازاته الميدانية.

الإعلام الحقيقي لا يُدين الناس بالصوت العالي، بل بالدليل. لا يُستخدم لتصفية الحسابات، بل لتنوير الرأي العام. أما الإعلام الموجّه، الذي يُدار من خلف الكواليس لتحقيق مصالح ضيقة، فهو خطر على المجتمع والدولة والمؤسسات.

ولعل ما يُعزز هذا الطرح، أن القضاء المصري سبق أن تعامل بحزم مع حالات مشابهة، حين صدرت أحكام بالسجن ضد إعلاميين نشروا اتهامات دون دليل، وأُوقفت برامج شهيرة بسبب تجاوزات لفظية أو تحريضية. هذه السوابق تؤكد أن القانون لا يتهاون مع التشهير، وأن من يملك الحق عليه أن يسلك طريقه القانوني، لا أن يختبئ خلف شاشة أو ميكروفون.

كما ينص قانون العقوبات المصري في مادته رقم 302 على أن القذف والتشهير يُعدان جريمة يُعاقب عليها بالحبس والغرامة، خاصة إذا تم عبر وسيلة إعلامية. ويؤكد ميثاق الشرف الإعلامي أن الإعلامي ملزم بالتحقق من المعلومات، واحترام الحياة الخاصة، والامتناع عن بث ما يُغذي الكراهية أو يُشوه السمعة دون دليل.

لكن ما يغيب عن كثيرين هو الأثر الإنساني لهذه الحملات. فالتشهير لا يُصيب المسؤول وحده، بل يمتد إلى أسرته، إلى العاملين معه، إلى ثقة المواطنين في مؤسساتهم. كل كلمة تُقال دون تحقق، قد تُدمّر حياة إنسان، وتُفقد المجتمع أحد أعمدته.

الدفاع عن الشرفاء ليس انحيازًا، بل واجب وطني. هؤلاء الذين يعملون في صمت، ويواجهون التحديات، ويحرصون على تقديم الخدمة للمواطنين، لا يجوز أن يكونوا هدفًا لحملات التشويه. وإذا سُمح بذلك، فإننا نفتح الباب للفوضى، ونقوض الثقة في المؤسسات، ونُضعف من هيبة الدولة.

ما يحدث اليوم ليس خلافًا إعلاميًا، بل اختبار حقيقي لضمير المجتمع، ولمصداقية المنصات، ولقدرة الدولة على حماية من يعملون بإخلاص. فالوطن لا يُبنى بالتشهير، بل بالعمل. والحق لا يُؤخذ بالضجيج، بل بالدليل. والكرامة لا تُصان إلا بالقانون.

 

بين الحقيقة والتشهير : الإعلام الشريف لا يُدار بالمصالح


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading