جذور الصراع في غزة… من مقتل الجعفراوي إلى تاريخ عائلة دغمش
كتبت / رنيم علاء نور الدين
ما يحدث اليوم في قطاع غزة ليس مجرد اشتباكات عابرة، بل فصل جديد من تاريخٍ طويل ومعقد من الصراعات الداخلية، بين قوى المقاومة من جهة، والعائلات المسلحة والعناصر الخارجة عن القانون من جهة أخرى. الأيام الماضية شهدت تصعيدًا لافتًا في ملاحقة “أمن المقاومة” لعملاء الاحتلال والمجموعات التي تورطت في التعاون مع العدو، وكان أبرز الأحداث مقتل الصحفي صالح الجعفراوي، الذي لقي مصرعه على يد أفراد من عائلة فلسطينية تُدعى دغمش.
هذا الاسم لم يكن غريبًا على الساحة الفلسطينية، بل ارتبط منذ سنوات طويلة بأحداث دامية وملفات أمنية شائكة، يقف في قلبها رجل يُدعى ممتاز دغمش، الذي تحوّل من قيادي في المقاومة إلى أحد أبرز الوجوه المتطرفة المثيرة للجدل في تاريخ غزة الحديث.
من لجان المقاومة إلى التطرف
بدأ ظهور ممتاز دغمش كأحد قادة تنظيم “لجان المقاومة الشعبية”، الذي تأسس عقب اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، بعد أن كان في السابق منتميًا لحركة حماس قبل أن ينشق عنها. لكن الانشقاق الحقيقي جاء بعد تبني التنظيم لعملية اغتيال اللواء موسى عرفات، قائد الأمن العام وابن عم الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2005، وهو الحدث الذي غيّر مسار دغمش بالكامل.
بعدها اعتنق الفكر السلفي الجهادي، وأطلق على نفسه لقب “أبو محمد الأنصاري”، مؤسسًا لتنظيم جديد سماه “جيش الإسلام”، أعلن من خلاله ولاءه لتنظيم القاعدة، فاتخذ منحى أكثر تطرفًا وعداءً حتى لأبناء وطنه.
من غزة إلى مصر… خيوط الإرهاب تمتد
ذاع صيت تنظيمه بعد مشاركته في عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006 بالتعاون مع حماس، قبل أن يقرر تنفيذ عملية اختطاف الصحفي البريطاني آلان جونستون عام 2007، رافضًا كل الوساطات لإطلاق سراحه، ما تسبب في أزمة دولية كبيرة شوهت صورة المقاومة الفلسطينية أمام العالم.
وبعد فشل مفاوضاته مع حماس، التي حررت الصحفي لاحقًا دون مقابل، أعلن دغمش تكفيره للحركة واعتبرها خارجة عن الإسلام لمشاركتها في الانتخابات، لتبدأ بعدها حالة عداء مفتوح بين الطرفين.
وفي عام 2008 اندلعت مواجهات دامية بين عناصر “جيش الإسلام” وعناصر من حركة حماس في حي الصبرة بمدينة غزة، أسفرت عن مقتل 11 من أفراد العائلة، لتفرض حماس لاحقًا نوعًا من “الإقامة الجبرية” على دغمش، وتمنعه من أي نشاط علني.
لكن تضييق الخناق عليه دفعه إلى توسيع نشاطه إلى خارج غزة، وتحديدًا مصر، حيث تشير تقارير أمنية مصرية إلى تورطه في هجمات شرم الشيخ ودهب عام 2005، وتفجيرات المشهد الحسيني بالقاهرة التي أسفرت عن مقتل سائحة فرنسية وإصابة آخرين، إضافةً إلى اتهامه بالمشاركة في هجوم كنيسة القديسين بالإسكندرية عام 2011.
نهاية الإرهاب… وبداية الثأر
وفي مارس الماضي، كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن ممتاز دغمش قُتل على يد المقاومة الفلسطينية بعد اتهامه بالتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي أشعل غضب عائلته، وجعلها تعلن عداءها العلني لحماس، بل وللمجتمع الفلسطيني كله، في محاولة لاستغلال هذا الصراع الداخلي لصالح الاحتلال.
المحلل الإسرائيلي رونين سولومون أشار إلى أن عائلة دغمش كانت تسيطر على شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات بين مصر ورفح، مؤكدًا أنه “لا توجد أي قوة في جنوب غزة تضاهي نفوذ تلك العائلة”.
ومع تصاعد الأحداث مؤخرًا، اتهمت مصادر ميدانية مليشيات تابعة للعائلة بقتل الصحفي صالح الجعفراوي الذي ظل صامداً لمدة عامين و على الرغم من كل تلك الفجعات من حوله والتي كادت أن تقتله عده مرات ولكن بفضل العناية الإلهية لم يمت كما مات كل صوت قبله . لكن هؤلاء الخونه قرروا ان ينهوا عليه ويسلبوه صوته الذي عرفه الجميع من أنحاء العالم دون رحمه ققاموا باختطافه من أرضه وقاموا بتعذيبه قبل أن يُعدم بسبع رصاصات.
بالاضافة أنهم تورطوا قبلها بيوم واحد في قتل ابن قيادي في الحركة نعيم باسم نعيم، والقيادي عماد عقل “أبو أنس” أحد المشاركين في عملية “طوفان الأقصى”.
وبعد تأكد حركة حماس من تورط أفراد من عائلة دغمش في الجريمة، نفذت الأجهزة الأمنية التابعة لها حكمًا فوريًا بالإعدام بحق المتورطين، حيث تم تنفيذ الحكم بنفس الطريقة التي قُتل بها الجعفراوي — سبع رصاصات أُطلقت على كل واحدٍ منهم، في رسالة واضحة بأن العدالة في زمن الحرب لا تنتظر المحاكم.
غزة اليوم تكتب سطورها بدماء أبنائها، تقتصّ من الخيانة وتحاول أن تُطهّر صفوفها من كل من باع الوطن.
حررت غزة… وصالح مات، لكن صوته سيبقى موجودًا خلف كل جدارٍ تهدّم، يذكّر العالم أن الحقيقة لا تُقتل، حتى لو سقط صاحبها.
جذور الصراع في غزة… من مقتل الجعفراوي إلى تاريخ عائلة دغمش
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.