مقالات ووجهات نظر

حين خلع الفلاح عباءته

حين خلع الفلاح عباءته

حين خلع الفلاح عباءته 

بقلم / أحمد الجرف

تمر بنا السنون ونراجع ماضينا فإذا به من الصفحات المستنيرة ما فقدنا  بدعوى التقدم والتمدن ولكن فى حقيقة الأمر إننا لم نفقد سوى الحضارة والخير . من أجبر الفلاح عن الخجل بكونه فلاح . وصارت الكلمة تعنى أنه غير متعلم وأنه غير متمدن ,

أننا ببساطة أفقدناه أن يكون سبباً للخير وفقدنا معه الخير. الفلاح فى بلادنا المصرية الريفية يعنى العطاء والخير والنمو والاخلاق والأدب والتقاليد والعادات وقواعد العيب والحرام ,

أننى أعنى ذلك الكيان المتكامل البسيط , . كان هو رمز الإنتاج فى بلادنا . العجلة التى تتحرك لتعطى بلا تردد الألة التى تدور ليل نهار لتعطى ذلك الأحمق الذى يدعى الحضارة وهو غارق فى فضل وخير وجهد ذلك الرجل المعطاء صاحب الجهد الكبير .

فكلما فتحت ثلاجتك الكبيرة المملوءة بالخير من الثمار والفاكهة واللحوم كان أثره وخيره يملئ جنبات المكان . كان من المفترض أن نقف إحتراماً له ولجهده الكبير . وأن نقدم له كل الدعم . ولكن صار العكس تماماً ,

صوره الأعلام المضلل أنه ذلك الشخص المقهور الجاهل الذى لم يحظى بأى قدر من التعلم والتمدن المزيف وأن عليه أن يترك ذلك التراب والطين وحيواناته الأليفة من أجل اللحاق بركب الحضارة الإستهلاكية . المزيفة . فما كان منه الإ أن ترك الأرض والزراعة والجهد والعمل والتحق بالشخص التافهه الذى أجبره على أن يقلده . فخسر الأثنين وضاعت الهوية لأرض إمتدحها الله فى عليائه أنها ذات ثمار وجنات وعيون وفاكهة وأنها ذات قرار مكين وأنها أرض الشجرة المباركة شجرة الزيتون وأرض البقل والقثاء والفوم والعدس والبصل وأرض التين والزيتون .

كان كل ذلك نتيجة الزراعة المستنيرة . الحرفة القديمة تلك الصناعة التلقائية .ولا ننكر ما تقوم به الدولة لتدارك ذلك بالمشروعات شرقاً وغرباً فى جهد مضنى لإستعادة مجدنا الزراعى ولكننى أتحدث عن الشخصية المتكاملة المفقودة للإنسان المصرى المعطاء البسيط المنتج الذى ظل لعقود يهمش ويمحى دوره فبرغم تلك الجهود إلا أننى أريد أن نستعيد تلك الشخصية الجميلة بروحها الطيبة ونستنقذها ونستدعيها من جديد ونحفظها من تهكم الجهله الذين يرتدون مسوح التنوير المزيفة ,

حين كان ذلك الجاهل يهمش من دور من ينتج متباهيا بتقدمه ومستزيدا فى تهكمه على المهنة المقدسة التى أرخ لها المصرى على جدران معابدة وأقرها الله فى قرآنه ذهبت الحضارة الغربية بكل قوتها فى أرضها الى دعم الفلاح . فكان ذلك سبب تقدم هولندا , وكانت تميز استراليا وكانت الفخر لايطاليا الملقبون بفلاحى أوروبا . وذقنا مرارة التخلى عن المهنة المقدسة المتمثلة فى الزراعة .

حتى أن الدبلوم الزراعى والمعهد الزراعى وكليه الزراعة صارت من الأماكن الغير مستحبة لأصاحب الدعوه للرقى والتقدم ونسوا تماما وهم يتشدقون بما ليس فى أيدهم أن الذى فى أيديهم من جنى وخير يضيع , وأن بطونهم مازالت ممتلئة بخير ذلك المثابر . حتى كلت يده وصار هو الآخر يعلم أولاده الهجرة للمدن وخارج البلاد والتمدن الزائف . هنا فقط ضاعت الهوية .

أننى أقدم اليوم صورة مشوهه لمجتمع أبى الا أن يلون الصور بغير الوانها . فصارت مسخاً . نحن أمة الخير الزراعية ثم من نتاج الزراعة يأتى الأكتفاء ثم تاتى الصناعات القائمة على الزراعة ثم يحرس كل ذلك جيش قوى يتمتع بالصحة من خير الارض .

تلك مفاتيح النهضة فى بلادنا آن لنا أن نفيق قبل أن نفقد باقى المفاتيح وتغلق علينا الأبواب . إستدعوا ذلك الفلاح الطيب المتعلم الأصيل. إستدعوه جددوا الثقة فيه . تاجروا معه فى أرضه . علموه وتعلموا معه كيف يربي ويزرع بالعلوم الحديثة عظموا تلك المنابر العلمية أعطوا كلية الزراعة للنخبة سيتغير كل شيء سنستغنى عن كل الأحتياجات وسينبت الزيتون من جديد وسيطل علينا الخير وستكون الجنات والأنهار والثمار .

أنزلوا الناس منازلهم وأعطوه قدره الذى يستحق. إستنسخوه من جدران المعابد. إستنقذوه من صور إعلامنا التافهه فقد ظلمناه كثيراً وتهكمنا أكثر فى جهل مدفوع من الأخر . إبنوا له الجداريات وكرموه فى المحافل . معه فقط سيكون كل شيء بخير فهو رمز الخير وأثر الخير وسبب الخير . أعيدوا له العباءه يعيد لنا الحياة .

حين خلع الفلاح عباءته

بقلم/ أحمد الجرف


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة