
علاقة الإستثمار بالمجتمع المدني شراكة من أجل التنمية المستدامة
كتبت : اميرة يوسف
في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، أصبحت العلاقة بين الاستثمار والمجتمع المدني محورية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
فعلى الرغم من اختلاف الأهداف المباشرة لكل منهما، إلا أن تقاطع مصالحهما أصبح واضحًا، وظهر جليًا أن التكامل بين القطاعين يمثل أحد مفاتيح التقدم لأي مجتمع.
الاستثمار، باعتباره المحرك الرئيسي لعجلة الاقتصاد، يسعى إلى تحقيق الربح وتوسيع نطاق الإنتاج وتوفير فرص العمل.
في المقابل، يركز المجتمع المدني، ممثلًا في منظماته الأهلية والنقابات والجمعيات التطوعية، على تعزيز العدالة الاجتماعية وحماية البيئة ودعم الفئات المهمشة.
ورغم أن لكل طرف أجندته الخاصة، إلا أن التقاءهما يخلق نموذجًا متوازنًا للتنمية يراعي البعد الاقتصادي والاجتماعي معًا.
يتجلى هذا التعاون في عدد من المجالات،
لعل أبرزها التنمية المحلية، حيث تساهم الاستثمارات في تحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل،
بينما يحرص المجتمع المدني على ضمان عدالة توزيع هذه العوائد وتعزيز مشاركة المواطنين في صياغة الأولويات التنموية.
كما يشجع المجتمع المدني المستثمرين على تبني ممارسات مسؤولة اجتماعيًا، تضع في الاعتبار الأثر البيئي والإنساني لأنشطتهم. ومن هنا تنبع أهمية الاستثمار المسؤول الذي لا يقتصر على العائد المالي، بل يمتد إلى تحقيق أثر إيجابي على المجتمع.
دور المجتمع المدني لا يقتصر على التوعية أو الرقابة، بل يمتد إلى المشاركة الفعلية في بناء رأس المال البشري من خلال مشروعات التدريب والتأهيل والتعليم، مما يخلق بيئة خصبة للاستثمار تقوم على الكفاءة والابتكار.
من النماذج الملهمة في هذا الإطار، الدور الذي تلعبه أندية لايونز، وهي من أبرز منظمات المجتمع المدني النشطة في مجال الخدمة العامة. تقوم هذه الأندية بجهود واسعة في مجالات الصحة والتعليم والبيئة،
وتحرص على التعاون مع القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات مجتمعية ذات أثر ملموس. كثير من المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية يشاركون في مبادرات أندية لايونز، سواء من خلال التمويل أو المشاركة المباشرة، بما يعزز من قيمة الاستثمار في خدمة المجتمع، ويكرس لمفهوم المسؤولية المجتمعية.
هذه الشراكة لا تخلو من التحديات، من أبرزها ضعف الثقة المتبادلة، والبيروقراطية، وغياب آليات تنسيق فعالة بين الطرفين. إلا أن تجاوز هذه العقبات ممكن من خلال الحوار المستمر، والشفافية، وبناء شراكات استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة، والالتزام بأهداف التنمية المستدامة.
في النهاية، لم تعد العلاقة بين الاستثمار والمجتمع المدني علاقة اختيارية أو هامشية، بل أصبحت ضرورة تفرضها متطلبات المرحلة. وحده التكامل بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية قادر على بناء مجتمعات قوية، عادلة، وقادرة على الصمود في وجه التحديات.
علاقة الإستثمار بالمجتمع المدني شراكة من أجل التنمية المستدامة
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.