غفلة.
غفلة.
بقلم عبدالحميد أحمد حمودة
غفلة.
في يوم من الأيام، بينما كان جالسا في مقهى يشرب قهوته وهو في حالة من التأمل والانسجام، سقطت نظراته على فتاة جميلة، تجلس على أريكة في مقابلته. كانت في غاية الجمال وكانت هي الأخرى تختلس النظر إليه خفية. حدث بينهما شد مغناطيسي بحيث لم يعد يثير انتباههما أي شيء ولا أي أحد. ظلت نظراتهما مستمرة لبعضهما البعض وجرت بينهما محادثة طويلة بواسطة العيون دون تحريك الشفاه. رأى فيها فتاة أحلامه التي كان يحلم بها دائما. ظل يرقبها إلى أن نهضت وغادرت المكان واختفت بين الأزقة.
بعد برهة من ذلك، أدرك أنه فوت على نفسه فرصة التعرف عليها والحديث معها. بدأ يتساءل ما إذا كان سيلتقي بها أو يراها مرة أخرى. أخذ يتردد على نفس المقهى كل يوم لعله ينعم برؤيتها من جديد. اشتد به اليأس حتى بدأ يقنع نفسه أنها كانت مجرد تصوير لخياله وأنه لم يراها بعينيه. لكنه لم يستسلم وظل ينتظر وينتظر. مرت سنوات طويلة وهو على هذه الحال، إلى أن جاء يوم ورآها تدخل المقهى مع رجل وأطفال صغار. لم تنتبه له. أما هو فظل يحدق بها ويلاحقها بنظراته إلى أن غادروا المكان. حينها استيقظ مما هو فيه، نظر إلى مرآة كانت قريبة منه، فاكتشف أنه أضاع أجمل سنوات حياته في أحلام خيالية وكذلك فرصة عمره. ظل ينتظر ما لم يعد من حقه، بعد أن كان في متناوله وبقربه
غفلة.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.