لا يكُن همُّك في الدنيا أن تُلاحق الأفراح، و أن تُكابح الأتراح
بقلم : بسنت صلاح عباس
لا يكُن همُّك في الدنيا أن تُلاحق الأفراح، و أن تُكابح الأتراح

لا يكُن همُّك في الدنيا أن تُلاحق الأفراح، و أن تُكابح الأتراح.
و اعلم أنّ رغَد الحياة ليس في أن تكون فَرِحًا طَوالًا، و لا مَحزونًا قُصارًا.. إنما هو دوام رِضاك بما قُسمَ لك.
يا بني،
كم من نفوس طوَّقتها المفارِح، و قلوبها تعِبةٌ ضجيرة.. و كم من نفوس طوَّحتها المحازن، و أرواحها رحِبة قريرة.
و بين التعب و الرَّحَب و بين الضجر و القَرِّ صِدق السريرة و صدق المسعَى.
اصدُقْ سريرتك بأن تكون أنت، و أن تكتسيَ حقيقتك إزاء نفسك و بين الأنام.
و اصدق مسعاك بألا تُثْنِيك وحشَةٌ، و لا يُجْزِعك زِحامٌ عن المُضِيِّ في دَربك الفارِد.. و ألا تخطو خُطوةً في طريقٍ إلا بحبٍ، و لحبٍ.
إنّ الطريق لا يُقاس بطوله، بل بثبات القلب عليه.
فكم من سالكٍ أسرع الخطو، وضلّ المقصد،
وكم من متأنٍّ بلغ الغاية، لأنّه عرف لماذا يمضي.
لا تطلب من الدنيا أن تُنصفك،فهي دار ممرّ لا دار حُكم، وما أُعطيتَ منها فَضْل،وما أُخذ منك امتحان. تعلّم أن تُصالح الخسارة،فبعض الفقد تهذيب،وبعض الانكسار إعادة تشكيل،وبعض السقوط تعلُّمٌ لكيفيّة الوقوف دون اتكاء.
إن أثقل ما يحمله الإنسان ليس همَّه،
بل تزييفه لنفسه،
فكن صادقًا ولو كلفك الصدق قِلّة الرفاق، فالوِحدة مع السلام خيرٌ من زِحامٍ بلا طمأنينة. واجعل قلبك واسعًا كالدعاء،لا يضيق بعثرة،ولا يقسو بخيبة،واعلم أنّ من سار إلى الله بقلبه
كفاه الله عناء الطريق،
وأوصله… ولو بعد حين و إذا أبطأ الرزق فلا تَجْزَع، فبعض العطاء يتأخر ليأتي ناضجًا، وبعض الأبواب لا تُفتح إلا حين تصبح أنت أهلًا لما خلفها. لا تُقارن خُطاك بخُطى غيرك،
فلك توقيتك،ولهم توقيتهم، والحكمة واحدة… أن تصل بقلبٍ سليم، لا بقَدَمٍ مُنهكة. وإن ضاقت بك الأيام،
فاجعل من الصمت فِقهًا، ومن الصبر صلاةً خفيّة،ومن الرجاء رفيقًا لا يخذلك.
ستُخطئ، وستتعثّر،
لكن الويل كل الويل
أن تعتاد الانكسار
حتى تظنه قَدَرًا لا يُغيَّر.
قُم كل مرة
وكأنّ الله يراك الآن فقط،
واعمل وكأنّ أثرك هو الباقي،
ولا تُثقِل قلبك بسؤال: متى؟
فما كُتب لك آتٍ…
في أوانه،
وبهيئته الأجمل،
ولو بعد صبرٍ طويل.
لا يكُن همُّك في الدنيا أن تُلاحق الأفراح، و أن تُكابح الأتراح
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.