المرأة والطفلمقالات ووجهات نظر

لماذا لا يخاف مغتصب الأطفال؟ الحقيقة التي يخاف المجتمع مواجهتها

*بقلم: ريهام رفعت*

لماذا لا يخاف مغتصب الأطفال؟ الحقيقة التي يخاف المجتمع مواجهتها

لماذا لا يخاف مغتصب الأطفال؟ الحقيقة التي يخاف المجتمع مواجهتها
ريهام رفعت

في كل يوم يُستغل طفل صغير في مكان مفترض أنه آمن والجاني لا يخاف القانون ولا المجتمع ولا حتى ردة فعل الأسرة

لماذا هذا الصمت المستمر ولماذا تتكرر الجرائم رغم كل العقوبات؟

الأخبار تتوالى وحالات اغتصاب الأطفال تتكرر والمجتمع يصرخ والمستغرب لا يتوقف والسؤال الحقيقي يبقى لماذا لا يخاف هؤلاء الجناة أصلًا؟ العقوبة وحدها ليست كافية

المشكلة أعمق بكثير فهي ترتبط بصمت الضحية وضعف الرقابة وغياب الوعي وعدم إدراك الطفل لطبيعة ما يحدث له وغالبًا يكون صغير السن لا يعرف أن ما يتعرض له انتهاك ولا يمتلك القدرة على التعبير أو الإفصاح وحتى حين يحاول الإدراك يفتقد الوسائل واللغة المناسبة للتواصل والجاني يعرف أن الطفل ضعيف وأن المجتمع غالبًا لن يتحرك إلا بعد فوات الأوان

المعتدي يراهن على أن المجتمع سيتردد وأن القانون يمكن التلاعب به من خلال التأثير على الرأي العام أو استغلال ثغرات الإجراءات القضائية مثل التأخير والمماطلة والغموض .

كما أنه يعرف أن المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية أحيانًا تصدر بيانات ضعيفة أو غير حازمة تطمئن الجمهور أكثر من حماية الأطفال وتبرر التقصير بمبررات غير مقنعة ويعلم أن العديد من أولياء الأمور يترددون في الإبلاغ أو الاعتراف بالواقعة خوفًا من السمعة أو الضغط الاجتماعي وهذا يجعل المعتدي يختار ضحيته بعناية ويثق بأن المحيط لن يحمي الطفل وأن صوته لن يسمع

الطفل الحلقة الأضعف لا يصمت لأنه متواطئ بل لأنه خائف أو لا يفهم طبيعة ما يحدث له وغالبًا صغر سنه يجعله عاجزًا عن إدراك خطورة الانتهاك أو التعبير عنه وحتى في الحالات التي تحاول فيها الأسرة أو المجتمع التدخل تتأثر قدرة الطفل على الإفصاح بالخلل في التعامل مع الواقعة أو التردد في الاعتراف بها وهذا الصمت المدعوم بتصرفات الكبار يجعل المعتدي يطمئن على اختياره ويستمر في استغلال ضعف الفهم والإدراك لدى الطفل

العدالة الحقيقية والوقاية تبدأ بفهم عقلية المعتدي ومعرفة الأسباب التي تجعله لا يخاف من العقوبة الصارمة.

التدريب الحقيقي للمدرسين والمربين على حماية الطفل تفعيل خطوط التبليغ والدعم النفسي والتوعية بحقوق الأطفال والحدود الشخصية وبناء مجتمع لا يسمح بالصمت أو التسامح مع الانتهاك،

كل هذه الخطوات تجعل العقوبة لاحقة جزءًا من العدالة وليست مجرد غضب مؤجل الحلول العملية تشمل تفعيل الرقابة في المدارس والأندية والمراكز التعليمية وتدريب كل من يتعامل مع الأطفال على كيفية التعامل مع الشكوى وتفعيل خطوط بلاغات آمنة وسريعة وتوعية الأسرة والمجتمع بأهمية التصرف الحازم والفوري وعدم التسامح مع أي انتهاك

مغتصب الأطفال لا يخاف غالبًا بسبب ضعف الرقابة وصمت الضحايا وصغر سن الطفل وعدم إدراكه لما يحدث له والتلاعب بالقانون وتأثير الرأي العام والتهرب من المحاسبة وصمت المؤسسات وتأخر أو تقصير أولياء الأمور في الاعتراف بالواقعة حماية الأطفال مسؤولية مجتمع كامل تبدأ بالوعي وتستمر بالقوانين الصارمة وتدعّمها المؤسسات ولا تنتهي عند الحكم القضائي

الأطفال أمانة المجتمع كله فإذا لم نحميهم نحن اليوم فمن سيحميهم غدًا ومن لا يواجه هذه الحقيقة اليوم يصبح شريكًا بصمته في الجرائم التي يمكن تجنبها غدًا.

 

 

 

لماذا لا يخاف مغتصب الأطفال؟ الحقيقة التي يخاف المجتمع مواجهتها


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Ahmed.Hamdy

نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام التنفيذي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading