مقال × حدوته
مقال × حدوته حيوانك الأليف تزوّج ثم أنجب طفلًا أعطاه كل الإهتمام والرعاية والحنان.
ومع مرور الأيام كبر الرضيع وأصبح طفلًا في المرحلة الابتدائية ..
فزاد تعلق الأب به أكثر كان بالنسبة له ليس مجرد ابن بل قطعة من قلبه وسنده وأمانه بل ومثله الأعلى في كل شيء.
كان الطفل يراقب والده في كل تصرف يحاول تقليده في مشيته وطريقته وكلماته وكأن وجود الأب هو النموذج الأول لكل تفاصيل الحياة.
لكن تمر الأيام ويكبر الصغير. يدخل الإعدادية .. وهنا تبدأ العلاقة في التغيّر.
ينفكّ الخيط الرفيع بين الطفولة والتبعية .. ويبدأ الولد في تكوين شخصيته الخاصة ورأيه المختلف وتمرده الطبيعي.
لم يعجب ذلك الأب الذي ظلّ يبحث عن طفله القديم .. أين ذاك الصغير الذي كان لا يترك يدي؟ … أين لعبتي التي كانت تفرح لفرحي وتبكي لبكائي؟….
وهنا لا أتطرق إلى علاقة الإبن بوالدته .. فذلك باب مختلف تمامًا له طبيعته الخاصة وعمقه العاطفي المختلف …
وأنا لست في صدد شرحه أو تحليله في هذا المقال
لأن حديثي هنا يخص العلاقة بين الأب وابنه فقط بما تحمله من خصوصية ومسؤولية وتجاذب فطري.
تمر الأيام أكثر، ويصبح الولد شابًا له حياته الخاصة أصدقاؤه، إهتماماته، ومساحته التي لم تعد تشبه البيت كما كانت.
شيئًا فشيئًا، يعتاد الأب المسافة لكنها تظل موجعة….
حتى يأتي اليوم الذي ينضج فيه الابن ..ويدرك قيمة أبيه .. فيحاول أن يمدّ الجسر من جديد .. ليصنع بينهما علاقة مختلفة أكثر وعيًا، وأقل تملكًا.
الحقيقة أن أغلبنا كآباء نتعلق بأبنائنا وكأننا إشتريناهم.
ننسى أننا لسنا أصحابهم .. بل نحن فقط الجسر الذي عبروا عليه إلى الحياة.
الأب ليس من يملك .. بل من يُمهّد الطريق ويتركه لمن بعده.
قد لا يكون هذا الكلام مريحًا .. خصوصًا لي أنا شخصيًا .. فأنا أب عشت تلك التفاصيل واصطدمت أحيانًا بحقائقها الموجعة.
لكن مع الوقت ومع الفهم والنضج أدركت أن أولادنا ليسوا “حيوانات أليفة” تتبعنا في كل وقت….
بل أرواح حرة علينا أن نراقبها من بعيد ، وندعو لها، وننصحها فقط حين تحتاج ….
واذا كنت أب ولم يعجبك كلامى تذكر تمردك أنت شخصيًا على أبيك….
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
