
مقال × حدوته
مقال × حدوته الغراب كان قدّام باب بيته شجرة كبيرة .. فروعها متفرعه كإنها تحرس المكان من بعيد…
ومن سنين وبطلنا واخد باله إن فيه غراب أسود ضخم، أختار الشجرة دي بالذات يابت عليها .. ويمكن لأن صوته كان حاد ومزعج، عمره ما أرتاح لوجوده .. كان كل ما يسمع صرخته، يحس إن في حاجة مش مظبوطة.
ومع الأيام، بدأ يلاحظ حاجة غريبة جدًا .. الغراب ماكانش بيزعّق كل يوم.
حكان ليه أيام معينة .. بالذات وهو داخل على بيته .. يهيّص ويصرخ بصوت يخضّ الحجر .
في الأول قال يمكن صدفة.
مرة تانية قال يمكن الجو.
تالت مرة قال يمكن الغراب جائع .
لكن اللي خلاه يقف ويفكر .. إن الأيام اللي كان الغراب بيصرخ فيها، كانت هي نفس الأيام اللي يكون فيها بطلنا ظلم فيها حد .. أو جرح شخص .. أو أتصرف بأنانية من غير ما ياخد باله .
يوم اتخانق مع واحد ضعيف ورجع على البيت .. لقي الغراب قالب الدنيا صراخ.
ويوم اتأخر على حد محتاجه .. ورجع بيته .. صوته كان بيشقّ الليل نصين.
ويوم قال كلمة قاسية لحدّ ما كانش يستاهل دخل البيت وهو سامع صرخته قبل ما يلمس باب بيته.
ساعتها وقف قدّام الشجرة وبصّ له .. واتصدم لما شافه ساكت وباصص ليه و بس.
كإنه بيقول: أنا مش بصرخ على الفاضي .. ده صوتك أنت اللي طالع من جوّاك.
وقتها بطلنا فهم .. الغراب ماكنش بيتنبأ .. ولا بيكرهه .. ولا بيشوف حاجات مش شايفها.
الغراب كان “ضميره”.
وكل ما يعمل حاجة غلط .. كان بيصرخ مكانه.
وإحنا كبشر .. بنكره صوت الغراب زي ما بنكره صوت الضمير.
لأنه عالي . مزعج . ومالوش مبررات.عايز يفوّقك غصب عنك.
وإنت نفسك ساعات بتتمنى ضميرك يخرس علشان تعيش مرتاح .. تظلم، أو تأذي، أو تتجاهل .. من غير ما حاجة توجعك.
بس الضمير .. زي الغراب واضح وكاشف.يمكن صوته يضايق .. لكنه أكتر حدّ بيحبّك بجد .. وآخر حدّ بيحميك من نفسك.
فـلو في يوم سمعت “غرابك” بيزعّق .. ما تقفلش ودانك.
أسمع كويس يمكن مش بيزعّق عليك .. يمكن بيحاول ينقذك قبل فوات الأوان.

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.


