قصائد شعرية وأدب

مقال × حدوته” المتحف المصري الكبير “

بقـلم / هشــام سـطوحي

مقال × حدوته” المتحف المصري الكبير “

مقال × حدوته" المتحف المصري الكبير "

حضر سائح أجنبي في جولة سياحية لمصر .. وكان في استقباله بالمطار شاب مصري بسيط .. مش مرشد، ولا منظم رحلات،

بس صديق لصاحب الشركة اللي رتّب الزيارة، كُلّف إنه يستقبل الضيف ويكون مرافقه أثناء وجوده في البلد.

من أول لحظة، لاحظ الشاب نظرة الغرور في عيون السائح .. نظرة الرجل اللي جاي من بلاد التقدم والرخاء، وبيعتبر نفسه داخل بلد فقيرة متواضعة ..أقل بكتير من المكان اللي جاي منه.

وبرغم إن الأسلوب كان مستفز، قرر المصري يحتفظ بهدوءه.

وقال لنفسه: “ضيف… ومصر ما بتردّش الإساءة بالإساءة.” لكن السائح ما كانش بيسكت.

في كل مشهد، في كل موقف، لازم يعلّق بكلمة فيها انتقاد أو سخرية .. على الزحمة، على الناس، على الشوارع، على البساطة اللي مش فاهم إنها طيبة.

وصاحبنا كان بيكتفي بإبتسامة صغيرة، يخبي بيها امتعاضه.

لحد ما جه يوم زيارة منطقة الأهرامات والمتحف المصري الكبير.

ساعتها سلّمه لمرشد سياحي متخصص وقال له بابتسامة هادئة:

– استمتع بالزيارة .. وأنا هكون في أنتظارك هنا.

دخل السائح جولته داخل المتحف الكبير .

وبين جدرانه، ما كانش بيتفرج على آثار، كان بيتفرج على تاريخ بيحكي عن نفسه.

كل حجر بيشهد على حضارة مش بس بنت أهرامات، لكن بنت معنى الإنسان.

شاهد ملوكًا عمرهم آلاف السنين ولسه ملامحهم تشهد بالعظمة، شاف علوم ونقوش وتفاصيل أذهلت العالم من آلاف السنين.

ولما خرج، ما كانش هو نفسه اللي دخل. ملامحه اتغيرت .. صوته اتغير . حتى نظرته بقت مختلفة. اقترب من بطلنا وصافحه بحرارة وقال: 

– أنا آسف كنت فاكر إن بلدي عظيمة، لكن اللي شُفته جوا المتحف خلاني أحس إني صغير قدام حضارتكم.

بلدكم مش فقيرة .. دي غنية أكتر من أي بلد شُفتها في حياتي .. غنية بروحها وتاريخها وعظمة ناسها.

أبتسم المصري في هدوء، وقال لنفسه:

“فيه أماكن بتعلّمك .. وفيه أماكن بتربّيك.”

والمتحف المصري الكبير أصبح واحد منهم.

ولأنك مصري .. يجب تمشي في هذه الأرض وأنت مرفوع الرأس.

لسنا أغنياء بالمال .. لكننا أصحاب حضارةٍ أبهرت العالم.

حضارةٌ لم تُبنَ في يومٍ ولا عام .. بل كُتبت على جدران الزمن.

وحين تدرك أنك وارث هذا المجد .. عليك أن تكون مستعدًا من الداخل لتحمل هذا الوهج .. لأن الانتماء لمصر ليس بطاقة هوية .. بل مسؤولية أن تظل جديرًا بعظمة من سبقوك.

وفي الختام .. ألف مبروك لمصر .. وألف مبروك للعالم على المتحف المصري الكبير .. ذلك الصرح الذي جمع الماضي بالحاضر .. ليذكّرنا جميعًا أن العظمة لا تموت .. بل تُورَّث .

 

مقال × حدوته” المتحف المصري الكبير “


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading