مقالات ووجهات نظر

مقال × حدوته “المراهقة المتأخرة” 

 بقـلم/ هشـام سـطوحي

مقال × حدوته  “المراهقة المتأخرة” 

مقال × حدوته "المراهقة المتأخرة" 

مقال × حدوته  “المراهقة المتأخرة” 

تزوّج وهو في السابعة عشرة من عمره، لا لأنه قرر، بل لأن والده قرر عنه. اختاروا له العروس، وجهزوا البيت، وقالوا له: «الست دي بتاعتك».

وبالفعل شعر في البداية أنه أمتلك كنزًا يتمناه أصدقاؤه .. كان يراهم يتقلبون بين أحلام الحب، وهو يعيشها على أرض الواقع.

كانت بالنسبة له «اللعبة الجميلة» التي أهداه إياها والده ليُلهيه بها عن كل تساؤلات الشباب.

مرت السنوات وكبرت اللعبة، وصار لها أربعة أبناء .. أحدهم تزوّج وأنجب فصار هو جدًا.

لكن رغم كل هذا، كان بداخله صوت خافت لا يسكت .. «أنا ما عشتش شبابي».

لم يكن يعرف تحديدًا ما الذي ينقصه لكنه كان يحس أن روحه تاهت منه في منتصف الطريق.

حتى ظهرت هي .. امرأة تصغره بعشر سنوات مطلقة بلا أولاد، تحمل في عينيها أنوثة ناضجة وشجنًا يشبه وحدته القديمة.

بدأت القصة بكلمة، ثم مكالمة، ثم ليالٍ طويلة من الحديث والسهر والضحك.

عاد ينظر في المرآة كما لم يفعل من سنين، يخفي شعره الأبيض ويتأنق في ملابسه ويتحدث بلغة لم يسمعها منه أحد منذ عقود.

صار يحفظ تواريخ أعياد الحب، ويشتري الورود، ويقف تحت شرفتها بالساعات ليظفر بنظرة. .. كأنه مراهق للمرة الأولى.

الناس لاموه، أبناؤه غضبوا، والمجتمع حكم عليه بالخبل. لكن هو فقط كان يشعر بأنه يحيا بعد طول سبات.

كم من رجال يعيشون في منتصف العمر، لكنهم عالقون في سن السابعة عشرة التي لم تُمنح لهم يومًا.

وهنا تتوقف الحكاية لتتركنا أمام سؤالٍ صعب .. هل أخطأ حين تأخر عليه عمر المراهقة، أم أن الخطأ كان في حرمانه منها يومًا؟

وهل لو عاشها في وقتها .. كان سيصل لهذا الإنفجار العاطفي المتأخر؟

في رأيي المتواضع، أن المراهقة ليست خطيئة، بل مرحلة ضرورية لبناء التوازن النفسي.

من لم يعشها في وقتها .. ستطرق بابه في زمنٍ آخر .. بوجهٍ مختلف، ونتائج أثقل.

تمامًا كمن يدخل مطعم الحياة، فيتذوق كل الأصناف إلا واحدًا .. يخرج ممتلئ الجسد، لكنه جائع الروح.

لذلك، لا تحرموا أبناءكم من المراهقة، لكن علّموهم كيف يعيشونها دون أن تحرقهم.

وجّهوا، لا تُعاقبوا. راقبوا، لا تقتلوا الفضول.

فالشباب لا يُؤجَّل، والمراهقة إن لم تُعش في وقتها .. ستعود يومًا،مقال × حدوته

مقال × حدوته “المراهقة المتأخرة” 


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading