
لقد شرع الله عز وجل لنا الإسلام ديناً قيّماً أى ديناً مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا تناقض ، كما أن الله سبحانه وتعالى جعله دين واحد كامل متكامل ليس به تنظيمات أو أحزاب بعينها ،فتلك التنظيمات تجعل المسلمين متفرقين وكلٌ منهم يحسب أنه هو الذى على الحق ،
ولكن الله عز وجل يقول فى كتابه العزيز( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2]
وهذا حث صريح على عدم الفُرقة والإنتماء لتنظيمات بعينها ، كما قال ربنا أيضاً فى كتابه الكريم مخاطباً نبيه ومصطفاه خير خلق الله
( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) الأنعام:159
فقيل فى تفسير ذلك أن هؤلاء هم أهل البدع و أهل الشبهات و أهل الضلالة والكفر و أنك يا محمد ( صلى الله عليه وسلم) لست منهم ، فالإسلام لا يدعو إلى أن يكون المسلم مّعادياً لأخيه المسلم لأنه ليس على نفس فكره أو منهجه أو جماعته كما نرى الآن ،
كما يقول النبى صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالجماعة و إياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ، أى أنه كلما افترق المسلمون وكانوا تنظيمات كانت مداخل الشيطان لهم أكثر فالفرقه ليست من الدين فى شىء فالتنظيمات فيما أراه فى حالنا اليوم معظمها إن لم يكن جميعها تدعو إلى التعصب لشعارات و مسميات بعينها فالدين واحد لا يجب فيه الفرقة
لقوله تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) (19) آل عمران ، فلو أننا جعلنا انتماءنا لديننا فقط وليس لتنظيمات أو جماعات ما كان هذا حالنا و ما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من التشتت والفُرقه ، فنحن نرى فى عصرنا هذا مصطلحات ومسميات لجماعات متطرفة خرجت إلينا تحت مسمى الدين فهذا كذا وهذا كذا والكل يقول إنه مسلم و أنه يريد نصرة دين الله ، فكيف ننصره ونحن نُعادى بعضنا بعضاً فكل من هؤلاء يرى نفسه هو الذى على الصواب و غيره على الخطأ ؟؟! كيف ننصره ونحن متفرقون كما قال ربنا ( مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ )(32) الروم
أى كل طائفة منهم وفرقه من هؤلاء فرحون بما لديهم ويحسبون أنهم على الصواب ،
فالجماعات المتطرفة التى ترى نفسها على الحق و فرحون بأفكارهم و أفعالهم اعتقاداً منهم أنهم على الصواب فهذا يوضح لنا أن الإسلام لا يدعو إلى التحزبات والتنظيمات التى تعمل على الفرقه بين أبناء الوطن الواحد و الدين الواحد وقال فى ذلك سبحانه وتعالى مخاطباً رسوله الكريم
( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (43) الزخرف، ولم يقل استمسك بما تراه مناسباً لهواك و لا لأفكارك ولا لقبيلتك ولا لما تراه أنت يا محمد ( صلى الله عليه وسلم)مناسباً، وهذا دليل صريح أن الدين لا يطلب من المسلم أن يتمسك بمسميات بعينها .. فعلينا ألا نجعل التفرقة تسود فى مجتمعنا و علينا بالحث على عدم الفرقة والتنازع فيما بيننا امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى و قوله
( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )(103) آل عمران
فعلينا نرى الأمور على حقيقتها و قياس المفاسد و المصالح العامة وليس المصالح الشخصية و الإسلام بعيد كل البعد عن أى شىء يدعو إلى الفرقة والتنظيمات التى تستبد برؤيتها ونظرتها و لا تقيس المفاسد والمصالح و يسعون فى الأرض فساداً وغيرهم من الطوائف والتنظيمات الذين يستحلون قتل البعض من المسلمين و الأبرياء ممن ليس على نهجهم وفكرهم و هذا ليس من الدين فى شىء فى حين أن ديننا الحنيف يدعو إلى التراحم والترابط و التعاون على البر والتقوى و إعمار الأرض وليس إفسادها ، فالله نسأل أن يجمع أولو الأمر فى الأمة كلها و فى مصرنا الحبيبة خاصةً على ما فيه الخير والصلاح للبلاد والعباد ، و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن ،
هذا وبالله التوفيق وعليه وحده الإعتماد والسداد.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.