هل تمثل استقالة اللواء كمال الدالي سقوطًا لحزب الجبهة الوطنية؟

أثارت استقالة اللواء كمال الدالي من حزب الجبهة الوطنية، وقراره بعدم خوض جولة الإعادة بمحافظة الجيزة، حالة واسعة من الجدل بين المتابعين للشأن السياسي. فالبعض رأى في انسحابه خسارة كبيرة للحزب ولأهالي دائرته، بينما ذهب آخرون إلى اعتبار ما حدث مؤشرًا على تراجع داخل صفوف الحزب ذاته. لكن هل يمكن بالفعل اعتبار الاستقالة “سقوطًا” للحزب؟
الحقيقة أن قراءة المشهد بعين موضوعية تكشف أن الأمر أكثر تعقيدًا من مجرد انسحاب مرشح، حتى لو كان ثقيلاً بحجم اللواء كمال الدالي.
أولًا: الانتخابات ليست معركة فرد واحد
الحياة الحزبية بطبيعتها مبنية على تعدد المرشحين وتنوع القواعد التنظيمية. وبالتالي، خروج شخصية—even ذات ثقل انتخابي—لا يعني انهيار الحزب. فالجبهة الوطنية لديها حضور في محافظات أخرى، وقواعد قادرة على الاستمرار في المنافسة.
ثانيًا: الاستقالة لا تعني بالضرورة أزمة
انسحاب المرشحين لأسباب شخصية أو تنظيمية أمر مألوف في السياسة. قد تكون الأسباب صحية، أو مرتبطة بالحملة، أو بحسابات انتخابية تخص الدائرة نفسها. وبالتالي، لا يجب تحميل الاستقالة أكثر مما تحتمل أو قراءتها كضعف في المؤسسة الحزبية.
ثالثًا: الأحزاب القوية تُختبر عند الغياب
القوة الحقيقية لأي حزب تظهر عند تعرضه لهزات أو تغييرات غير متوقعة. والحزب القادر على تعويض خروج قياداته، وإعادة ترتيب صفوفه بسرعة، هو حزب يمتلك بنية تنظيمية راسخة، وليس حزبًا هشًّا ينهار بخروج فرد واحد مهما كان وزنه.
رابعًا: الإعادة جزء طبيعي من العملية الانتخابية
وصول بعض المرشحين لجولة الإعادة لا يعني ضعفًا. فهذه طبيعة الانتخابات، تتغير فيها الحسابات لحظة بلحظة، ويعاد توزيع الأصوات والتحالفات. وبالتالي، فإن الحديث عن “سقوط” بسبب جولة إعادة هو مبالغة لا تليق بقراءة سياسية موضوعية.
خامسًا: التقييم الحقيقي للأحزاب يكون بأدائها العام
السؤال الجوهري ليس: لماذا استقال الدالي؟
بل: كيف سيتعامل الحزب مع غيابه؟
وهل لا يزال يتمتع بحضور جماهيري وتنظيم داخلي متماسك؟ وهل مرشحوه الآخرون يواصلون السباق بقوة؟
طالما أن الإجابة عن هذه الأسئلة إيجابية، فلا يمكن بأي حال القول إن ما حدث يمثل سقوطًا للحزب. فالأحزاب لا تنهار بانسحاب شخص، بل بانهيار برامجها، وغياب حضورها، وفقدان ثقة جمهورها. وهو ما لا يبدو أنه حدث مع الجبهة الوطنية حتى الآن.
هل تمثل استقالة اللواء كمال الدالي سقوطًا لحزب الجبهة الوطنية؟
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



