مقالات ووجهات نظر

ورغم الغصّة … تستمر الحياة

بقلم الكاتبة: حنان ممدوح الطيب

ورغم الغصّة … تستمر الحياة

بقلم الكاتبة: حنان ممدوح الطيب
رئيس قطاع مدن القناة والبحر الأحمر

غصّة ما بعدها غصّة: أن تفقد الأمان، أن تفتقد الحضن والحنان، أن تفتقد الأب… أن تفتقد سماءك التي كانت تظلّك تحت سماء الدنيا، فتصبح بعده بلا غطاء يحميك من تقلبات الزمان.
أن تفتقد ذلك الشعور الذي كان يغمرك بالطمأنينة، ويملأ جوارحك بالأمان، أن تغيب عنك تلك الزاوية الهادئة التي كنت تركن إليها حين تتلاطم من حولك أمواج الشدائد، فتحتويك وتحميك، بل وتحوّل تلك الأمواج، بحكمته، إلى شواطئ هادئة تريح النفس.

أن تفتقد ذلك الذي تتصنع البكاء أحيانا ً حتى تلقى نفسك بين أحضانه، ملقياً رأسك على كتفه، لتفوز بمسحةٍ رقيقةٍ من كفه الحانى على رأسك، فتُعيد ترتيب أفكارك… وتارةً أخرى يربّت بها على ظهرك فتعيد ترتيب مشاعرك، وتود لو تُطيل لكنه ينهي هذه اللحظات التي تسترق فيها وجبة مشبعه من العطف والحنان بعبارة .. “خلاص … ما تشيلش هم” .. “خلاص بقى كفايه دلع”
ما أقسى أن تفتقد كل ذلك، أياً كان عمرك.
حقا لا يدرك قيمه هذه النِعم إلا من يفقدها.
ويا حسرةً على كل عاقٍ ينعم بذلك ولا يوفى أباه حقه، ولا يعترف بفضله.
وإليه أقول: “هل نسيت أنه سبب وجودك في الحياة؟
هل نسيت أنه من كان يدللك بينما كنت غضاً فترتسم البسمة على شفتيك الصغيرتين؟
هل نسيت أنه من كان يتناسى سنه ليشاركك اللعب حتى يزيل عنك الشعور بالوحدة رغم عناء ومشقة عمله؟
هل نسيت أنه من كان يؤثرك على نفسه، فترتدى ما يرضيك ويرضى هو بالقديم من الملبس؟ و لن أبالغ حين أقول بما بلي من الملبس.
هل نسيت بأنه من كان يشقى ليوفر لك كل مقومات الرفاهية قدر إستطاعته؟
وترد له الجميل بإبداء عدم الرضا وبعد ذلك كله ترد له فضله بالعقوق؟!
حقاً؛ يا لك من خاسر .
ورغم الغصّة في فقد الأب، يقيناً تستمر الحياة…
لكنها تفتقد المعاني الجميلة والمشاعر النبيلة والطمأنينة بأن للإنسان سند، فيظل دائماً في حالةٍ من الخوف والشعور بحاجته للأب ولوبقي رمزاً .
وأخيرًا…
برّوا آباءكم، يبرّكم أبناؤكم.

#بنت_الطيب ✍️


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading