خصخصة الدورى المصرى.وهل تباع الأندية الشعبية لصالح أندية القطاع الخاص ؟

خصخصة الدورى المصرى.وهل تباع الأندية الشعبية لصالح أندية القطاع الخاص ؟

خصخصة الدورى المصرى.وهل تباع الأندية الشعبية لصالح أندية القطاع الخاص ؟

بقلم / محمد حمدي.

  يعتبر الدورى المصرى من اقدم الدوريات على المستوى العربى منذ بدايته سنة 1948 حيث ان كان صاحب فكرة إنشاء الدوري المصري هو الإعلامي محمود بدر الدين الذي فكر في إنشائه على خطى الدوري الإنجليزي

و كان سبب إنشاء الدوري سياسيًّا أكثر منه رياضيا عن طريق إنشاء اهتمام جديد غير الاهتمام بالخسارة في حرب 1948 والتي كانت ستسبب في انهيار حكم الملك فاروق فتمت الموافقة على الفكرة من الاتحاد المصري لكرة القدم ليجتمع عليه الجماهير و لتهدئة الشعوب.

وبالرغم من ان المقدمة ليست لها علاقة برأس الموضوع الى إنها توضح ان الدورى المصرى انشىئ على اساس ان يكون نشاط جماهيرى يجمع الشعب و يفرغ عنهم كبتهم . وقد لعبت أول نسخة للبطولة موسم 1948–1949، واشترك بها 11 فريقا وهم الترسانة و الترام  و الأهلي و المصري و بور فؤاد وفاروق ( نادى الزمالك ) والاتحاد الاسكندري والأوليمبي و الإسماعيلي و يونان الإسكندرية والسكة الحديد وفاز الأهلي بهذا الموسم ليكون بذلك أول فريق يحقق لقب الدوري .

ووسط الصراع الأزلي بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك نحو الألقاب منذ بداية الدورى و حتى اليوم فقد ظهرت عدة أندية جماهيرية اخرى تذوقت طعم المجد وعاشت حلم النجومية لأيام معدودة قدموا الى مصر اكبر الاسماء التى شكلت  تاريخ الكورة المصرية.

سواء على المستوى الافريقيى اوالعربى و بالرغم من جماهيرية وتاريخ تلك الفرق فلم يُكتب لها النجاح لعوامل مختلفة أبرزها الأزمات المالية و عل راس تلك الانديه نادي الترسانة العريق الذي تأسس عام 1921 الذي حصد العديد من الألقاب من أنياب الأهلي والزمالك،

حيث نجح الشواكيش في حصد لقب كأس مصر 6 مرات بينما وصل للنهائي 5 مرات لكنه لم يحالفه الحظ في التتويج باللقب كما نجح في التتويج بلقب الدوري الممتاز عام 1963 وقدم النادي العديد من النجوم البارزين على مدار تاريخه مثل حسن الشاذلي الهداف التاريخي للدوري المصري برصيد 173 هدفا بالإضافة إلى محمد أبوتريكة و سيد يوسف، شقيق الغزال ابراهيم يوسف واسماعيل يوسف نجما الزمالك،

وغيرهم و هبط الفريق أكثر من مرة إلى القسم الثاني وعاد إلى الممتاز إلا أنه لم يعد مرة أخرى منذ هبوطه عام 2009  أما الفريق الثاني الذي سنتحدث عنه هو نادي الأوليمبي السكندري الذي تأسس عام 1905 وحصد العديد من الإنجازات على رأسها بطولة الدوري الممتاز عام 1966 وكأس مصر مرتين عامي 1933 على حساب الأهلي بثنائية نظيفة و1934 على حساب الزمالك بنفس النتيجة بالإضافة إلى وصوله للدور ربع نهائي في دوري أبطال إفريقيا عام 1967.

لكنه لم يستكمل البطولة بسبب ظروف الحرب فى ذلك الوقت و قد خرج العديد من النجوم من الأوليبمي السكندري مثل أحمد الكاس ومحمود بكر المعلق الرياضي الشهير، وغيرهم من النجوم إلا أنه لم يعد مرة أخرى منذ هبوطه عام .

2009 وما زال الحديث عن أندية الإسكندرية، حيث لا يمكن نسيان تجربة الترام السكندري قاهر القطبين، الذي تأسس عام 1928، ونجح في تحقيق لقب كأس مصر عام 1939 .

ويبدو أن الأندية السكندرية هي صاحبة النصيب الأكبر، في الذاهبين إلى طي النسيان، فهناك أيضًا نادي الكروم الذي تأسس عام 1972 وضم بين صفوفه العديد من النجوم مثل شادي محمد القائد التاريخي للأهلي وإسلام الشاطر الذي لعب للثلاثي الكبير الأهلي والزمالك والاسماعيلي و غيرهم وكان عام 2006 هو الأخير للفريق السكندري بين كبار الدوري الممتاز وهبط إلى القسم الثاني حتى تم تجميد النشاط الرياضي بالنادي .

و من الانديه الجماهيرية التى فقدناها نادي المنصورة الكبير الذي تأسس عام 1932، وحقق العديد من النتائج الجيدة في الدوري الممتاز كما انه تأهل إلى نصف نهائي كأس أبطال الكئوس الإفريقية عام 1997(الكونفيدرالية ) حاليًا وودع أمام النجم الساحلي التونسي وضم المنصورة بين صفوفه العديد من النجوم الكبار مثل محمد كمونة وعبدالظاهر السقا والبلدوزر عمرو زكي وغيرهم وفي عام 2010 هبط المنصورة ولم يعٌد إلى الممتاز حتى الآن.

وهناك العديد من الأندية التي سطع نجمها في التسعينات ثم ذهبت مع الريح وإن كانت ليست من الأندية الجماهيرية مثل نادي مزارع دينا الذي لعب بين صفوفه العديد من النجوم مثل الحارس محمد عبدالمنصف الذي انتقل إلى الزمالك فيما بعد والحارس المصري السويدي رامي شعبان حارس أرسنال الأسبق وكذلك أحمد ابو مسلم الذي انتقل إلى الأهلي و غيرهم وننتقل إلى بلدية المحلة الذي تأسس عام 1931

وحقق العديد من الإنجازات أبرزها الوصول إلى نهائي كأس مصر عام 2002 وكذلك بلوغ الدور ربع النهائي من كأس الكئوس الإفريقية عام 2003 ومنذ هبوطه عام 2008 الذى عاد هذا الموسم الى دورى الاضواء بعد غياب دام 15 عام عن دورى الدرجة الاول .

كما يعد نادي طنطا أحد أهم الأندية الشعبية حيث تأسس عام 1928 و انجب العديد من النجوم المميزين و يعد موسم 1960 – 1961 هو الأفضل لأبناء السيد البدوي في الدوري الممتاز حيث نجح الفريق في إنهاء الموسم بالمركز الخامس وظل الفريق يهبط ثم يعود للمتاز إلى أن هبط عام 2020 الأمر مختلف كثيرا في أندية الصعيد فأندية مثل

الألومونيوم وسوهاج والمنيا وبني سويف ظهرت على فترات ثم اختفت مرة أخرى لكنّ لظهورها واختفائها أسبابًا مختلفة حيث أن أزمة الأندية تتخطى مسألة الدعم المادى وتكمن في البنية التحتية من ملاعب لممارسة اللعبة وفنادق للإقامة و غيرها من متطلبات الحياة الرياضة .

كما أن الأندية الصعيدية المتأهلة للدورى العام سرعان ما تهبط مجددًا لأن الظروف تعاكسهم بصورة كبيرة منها على سبيل المثال لا الحصر بعد المسافة بين أندية الصعيد وبقية الأندية و الذى يكلف ميزانية باهظة للتنقل للعب المباريات فقط دون النظر إلى باقى التكاليف من مستحقات لاعبين وجهاز فنى ومعسكرات وغيرها من متطلبات فرق كرة القدم.

كما أن نادي منتخب السويس أحد أبرز الأندية التي اختفت من المشهد فقد لعب في الدوري الممتاز لمدة 15 عامًا بداية من موسم 1974-1975 وبرز العديد من اللاعبين داخل الفريق و على راسهم خالد بيبو و غيره و أخيرًا فلا يمكن إنهاء الحديث دون التطرق لأحد الأندية الشعبية الكبرى،

وهو نادي الشرقية، الذي تأسس عام 1961 واستطاع المشاركة 6 مرات في الدوري الممتاز حيث قدم أحفاد عرابي عروضًا قوية في موسم 1974–1975 ويعد المعلم حسن شحاتة هو المدرب الأفضل في تاريخ النادي والرجل الذي حشد خلفه لأول مرة 100 ألف متفرج تواجدوا في استاد القاهرة الدولي عام 1998 لدعمه مع لاعبيه في اللقاء الفاصل أمام بني سويف بحثًا عن حسم بطاقة التأهل للممتاز وهي المباراة التي فاز فيها الشرقية بثلاثة أهداف مقابل هدف وحصدوا تأشيرة التأهل .

ثم جاء أنور سلامة وتولي المسئولية ونجح في تحقيق موسم ذهبي مع الفريق 1998–1999 قدم خلاله عروضًا قوية أبرزها التعادل مع الأهلي في قمة جماهيرية حضرها 45 ألف متفرج والفوز على الزمالك 1 – 0 وكان الشرقية في تلك الفترة أكثر الأندية بعد الأهلي والزمالك حضورا للجماهير في مبارياته وتفوق على أندية الدوري كاملة  وفي عام 2017 هبط الفريق إلى القسم الثاني و لم يعد حتى الان الى دورى الاضواء مرة اخرى .

وفى خلال تلك الفترة و منذ بداية الدورى و نجد انه ظهرت فكرة النادى الاستثمارى و التى من وجة نظرى هى السبب الرئيسى الذى اطاح اليوم بالفرق الشعبية الجماهيرية و حرمت ملاعبنا من زينتها الرئيسية الا و هم الجمهور و التى كانت عليه ملاعبنا فى السابق . قد ظهرت الفكره بعدما قامت مصر بالتشجيع الاستثمار فى كافة المجالات و على راسها المجال الرياضى و الذى ادى الى بداية ظهور فرق القطاع الخاص.

ففى 1973 ظهر فريق المقاولون العرب الذى استطاع ان يبنى نفسه منذ ذلك الوقت ليصبح من الفرق القوية بالدورى الممتاز بل و لم يكتفى بذلك فقد فاز بطولة الدور الصرى الممتاز سنة 1982-1983 ليكتب تاريخ جديدا لفكره نادى القطاع الخاص او الانديه الاستثمارية . 

واستندت على فكره المقاولون العرب بعض شركات القطاع الخاص مثل فريق مزارع دينا و فرق الترام والبلاستيك ‏ومصنع 36 و السكة الحديد وغيرها من الأندية، إلا أنها ‏شهدت حالة من الاندثار لأسباب متنوعة من أبرزها قلة الإمكانيات المادية فى ذلك الوقت حيث ان فكره انشاء فريق باسم شركة او قطاع فى السابق لم يكن الهدف منها تحقيق مكاسب بل ترويج لاسم الشركة ومنتاجتها.

وهو عكس ما شهداناه فى بداية الالفية الجديدة فقد شهدت أندية الشركات والمؤسسات انتفاضة كبيرة ‏وحالة من الزخم في وجودهم وسط كبار الدوري الممتاز و بدأت بتوهج الفرق ‏البترولية إنبي و بتروجيت وكذلك أندية المؤسسات العسكرية وسطوعها في ‏سماء الكرة المصرية على رأسهم

طلائع الجيش و اتحاد الشرطة و حرس ‏الحدود مع كل من الإنتاج الحربي و الداخلية و بدأت الفرق الجماهيرية تفقد بريقها و حضورها و بدانا مع الوقت نفقد الفكره الرئيسية لانشاء الدورى المصرى و اصبحت المنافسه تقتصر بين فريقين كورة قدم فقط و فقدنا منافسه التشجيع بين الجماهير و فقدنا جزء كبير من حماس و طعم الكورة و اساس متعتها .

حتى جاء سنة 2018 و التى شهددت تحول نادى الاسيوطى سبورت الى نادى بيراميدز و تحول سوق الانتقالات من الطبيعى الى الخطر فقامت بشراء معظم الاسماء المضيئة بالدورى المصرى و باسعار باهظة من الفرق الجماهيرية لتبنى فى ذلك الوقت فريقا الغرض منه منافسة الاهلى و الزمالك المحتقريين للدورى فى ذلك الوقت حيث بالنظر الى اغلى 5 صفقات فى تاريخ الدورى المصرى .

نجد انه قام بها فريق بيراميدز و ياتى فى المركز الاول كينو مقابل 8.60 مليون يورو ثم يلية بينافينتي مقابل 6 مليون يورو ثم كارلوس إدواردو مقابل 5.26 مليون يورو رودريجينيو مقابل 5.10 مليون يورو ثم رمضان صبحي مقابل 5 مليون يورو وصولا الى دورى الموسم الحالى 2023-2024

فالبرغم من ان اعلى صفقة هذا الموسم اتمها النادى الاهلى بشراء امام عاشور الا اننا نجد ان بيراميدز هو متصدر اندية الدورى صرفا فى سوق الانتقالات  لم تقتصر خطورة ذلك على ان فرق قطاع الخاص دخلت مجال المنافسه فقط بل بسبب ما يملكه هذا القطاع من اموال غيرت به خريطة اسعار اللاعبيبن فى سوق الانتقالات بطريقه لم تستطع الفرق الجماهيرية الوقوف امامهم و اصبح الامر هو ان تقوم الفرق الجماهيرية باكتشاف اللاعب و يقوم الفريق الاستثمارى بشراءه

إلا من استطاع الثبات فى وجه التحول بسبب قوة المؤسسة او الضغط الجمهورى على اللاعب و هو الامر الذى ادى فى نهاية الى ما نحن عليه اليوم و اختفاء معظم الاندية الجماهيرية الا بعض الفرق و على راسهم قطبين الكورة المصرية الاهلى و الزمالك الذين لم يهبطوا منذ 1948 من الدورى الممتاز بالاضافة الى النادى الاسماعيلى و الاتحاد الاسكندرى و المصرى البورسعيدى الفرق الوحيدة الجماهيرية الاكثر حفاظا على مكانها فى الدورى المصرى الممتاز بسبب دعم بعض رجال الاعمال المشجعين لاندية محافظتهم . 

و نتيجة للسرد السابق نجد انه فى كل عام تتقلص الفرق الجماهيرية عن السنة السابقة الى اننا وصلنا فى هذا العام 2023-2024 الى 6 انديه شعبية فقط من اصل 18 نادى مشارك فى الدورى الممتاز وهم النادى الاهلى و نادى الزمالك و نادى الاسماعيلى و نادى الاتحاد الاسكندري و نادى المصرى البورسعيدى و نادى بلدية المحلة العائد للدورى الممتاز بعد غياب 15 عام .

فالاستنتاج الواضح من هذا الحديث أن بقية الأندية الشعبية المتبقية في خطر واضح فمن الوارد خلال السنوات المقبلة أن تختفى الأندية الشعبية الكبرى التي تعتمد على دعم المحبين لها من رجال الأعمال خاصًة في ظل ارتفاع أسعار اللاعبين وارتفاع تكلفة متطلبات الأندية سواء من أماكن للإقامة أو ملاعب للتدريب أو وسائل نقل بين المدن المختلفة أو بين الدول إذا كان النادي يشارك في بطولة قارية.

لذلك يجب على المسئولين ضرورة التدخل لوضع سياسات و قوانين و لوائح تحجم بها اسعار سوق الانتقالات المبالغ فيها و العمل على دعم الفرق الجماهيرية من خلال الدعم المادى و المعنوى و من وجه نظرى ايضا يجب فرض بعض الرسوم على انديه القطاع الخاص يعفى منها الانديه الجاهيرية تستخدم فى تطوير منظومة كورة القدم المصرية و تستخدم لدعم الفرق الجماهيرية على الاستمرار و انجاب المواهب الجديدة

و هذا الامر الذى فى نهاية المطاف سينعكس صورته على اداء المنتخب الوطنى الحاضر بتاريخه و الغائب منذ فتره كبيرة عن البطولات .

خصخصة الدورى المصرى.وهل تباع الأندية الشعبية لصالح أندية القطاع الخاص ؟

 613 إجمالي المشاهدات

عن احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

شاهد أيضاً

تعرف علي موعد مباراة المارد الأحمر أمام الداخلية بالدوري 

تعرف علي موعد مباراة المارد الأحمر أمام الداخلية بالدوري  كتبت بسمة البدري    يستعد المارد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: