جريدة المساء العربي جريدة المساء العربي
” سعدنيات وذكريات 1 .. ”
” أنا وشلة المقاطيع وما قبل العشرينات .. “
بقلم / عماد السعدني
” هه ضحكة سخرية من زمن بعيد عن شلة كدا كُنت ملمُوم عليها ومضيع فلوسي عليهم وكأني كُنت مخلفهم ومُتكفل بِهم ، الشِلة دي كانوا عدد ماشاء الله يسدوا عين الشمس وكُلهم كانوا متزوجين وانا السنجل السنداب اللي فيهم وقتها كُنت لسه بدرس وبتنطط وأشتغل في نفس الوقت .
كُنا ليلاتي نتجمع علي قهوة بلدى وإتصل عليهم واحد ورا التاني ، وكان وقتها دقيقة مكالمة الموبايل بـ275 قرش وأنا الشاب الروش اللي أول ماينزل جهاز تليفون جديد أروح اشتريه ، وكانت تبدأ السهرة يوماتي برُكن خاص بنا وتنزل المشاريب واللي يطلب قهوة واللي عايز بيبسي واللي يشرب سحلب ، وأنا كان أخري كوباية الشاي لأني كُنت بحبه ومش بحب اشرب غيره ،
وختام القاعدة انده علي الرجل الجميل اللي شغال في القهوة وأقوله حسابك كام ؟ وكان يجيب الكشكول بتاعه ويحسب وأنا اللي أدفع كل يوم السيناريو ماشي كدا لحد ما القهوجي افتكر اني ببيع مخدرات !! ما أنا كل يوم بدفع وهما يشربوا ولو غيبت يوم القاعدة كانت بتبوظ ولو اجمتع منهم فردين تلاتة كل واحد فيهم يطلب كوباية الشاي ويحاسب لنفسه ويقوموا يروحوا ويومهم ينضرب .
كنت وقتها ساذج لأبعد الحدُود أو يمكن جدع زيادة عن اللزوم معهُم ، اللي هو لازم اتطمن على كُل فرد فيهم وعامل ايه في شغله واللي كُنت الاقيه قاعد زعلان أو ملامحه متغيرة مسيبوش غير أما اعرف أحواله وتقريبًا كُلهم كانوا مشكلتهم مع زوجاتهم الفلوس !!
واطلع انا من جيبي بقلب جامد واديله اللي معايا بعد ما أحاسب على المشاريب كالعادة وأخلي معايا مصاريف مواصلاتي علشان وانا رايح الشغل الصبح وكدا كدا هجيب سُلفه وأنا راجع والسيناريو ده تقريبًا عملته مع كل واحد فيهم .
بعدها بشوية كدا ربنا كرمني وقررت اشتري عربية ملاكي كانت موديل قديم وكحيانة لكن روقتها وضبطتها وبقيت أسلفهالهم يتمنظروا بها !! واللي عايز يترسم قدام مزة عجباه واللي ياخد مراته يتمشوا شوية وكُنت أحلف عليهم 100 يمين وانا مش متجوز إن مافيش حد يحط لتر بنزين حتى وانا اللي أفولها !!
كُنت بقول لنفسي دول متجوزين وبيصرفوا وفاتحين بيوت وظروفهم وحشه وإنت ياض لسه بطولك ومش شايل غير هم دراستك ولبسك ومصاريفك وأديك شغال وربنا فاتحها عليك .
لحد ماجه اليوم اللي فوقني فيه المعلم صاحب القهوة الرجل الجميل اللي كان شغال بإيده هو وإبنه ، أول ماوصلت وركنت زوبه العربية الأثرية اللي كانت بتطلع في أفلام إسماعيل ياسين ونازل منها كأني راكن الهمر !! لقيته جاي عليا وبدأ يتكلم معايا إن حرام عليا الفلوس دي وأنا بصوت عنتري كدا فزعت فيه إنت مالك انت ياجدع دول صُحابي ادفع مادفعش شئ مايخصكش !!
لقيته رد عليا وقلي يابني انا بنصحك لوجه الله دول اليوم اللي إنت بتغيب فيه بيتكلموا عليك ومافيش حد بيطلب غير كوباية شاي ويقولوا لبعض أصل اللي بيدفع مجااااااش !! قُلت ياض يمكن علشان ظروفهم ومافيش حد عارف ربنا بيرزق مين علشان خاطر مين .
وجه وقت الإمتحان وحصلتلي مشكلة شبه كبيرة شوية وكُلهم كانوا علي عِلم وساعتها عملوا من بنها وودن من طين والتانية من عجين وبدأوا يتسرسبوا كدا زي المياه واحد ورا التاني وفيهم اللي كان يشوفني في الشارع يلف من شارع تاني !! وقتها بس افتكرت كلام الرجل صاحب القهوة وروحت عنده وقُلتله يعملي فنجان قهوة وهو اللي يجيبها مش ابنه مع اني مش بشرب غير الشاي !!
جابلي القهوة الراجل الطيب وحكيتله علي اللي حصل منهم كان أول رد منه عليا قلي ” دول شلة مقاطيع ” مصلحجية وساعة الجد مش هتلاقي حد فيهم !! ، همَ مصاحبينك بس علشان مروق عليهم وبتحاسبلهم على الطلبات دا غير كل يومين تلاتة الأكل اللي بتبعت تشتريه وهمَ بيقعدوا يطفحوه !! .
وأخر مشهد مع شلة المقاطيع ياسادة ياكرام إتصلت عليهم في يوم كُلهم وإتجمعنا على القهوة واتفقت مع المعلم أن انا هحاسب علي مشاريبي بس وسيبهم يطلبوا اللي عايزينه وحاسب كل واحد فيهم !! وفعلًا كلهم اللي طلب سحلب وقهوة وحاجة ساقعة والذي منه وكل واحد مشروب ورا التاني والمعلم كل شوية يسألهم تشربوا إيه
وهمَ يطلبوا بقلب جامد علشان بيبرس هيدفع أحمد راتب في فيلم جزيرة الشيطان !! المهم اخر السهرة والمعلم جاب الكشكول الجميل بتاعه وقال لكل واحد حسابك كذا وكانت الصدمة أن انا أحاسب على كوبايتين شاي وقهوة اللي أخدتهم وقلتلهم معلش ياجماعة انا عندي ظروف في شغلي ومش معايا فلوس أحاسب !! وإذن يرد واحد منهم بجح يقُلي ياعم كُنت قُلت مكناش طلبنا كل الطلبات دي !! قُلتله ياعم مافيش مشكلة أما تحاسب لنفسك انا مقُلتلكش ادفعلي يعني ، ومن بعدها انفضت قاعدتي مع شلة المقاطيع وكانوا درس لي ان اتعلم شئ في مدرسة الحياة على يدهم .
العبرة في القصة متفرحش باللمة الكاذبة والظيطة على الفاضي ومتخليش حد يستغلك مهما كُنت جدع وأصيل ، الجدعنة والأصل خليهم للي شبهك وبس علشان البعض بيفهم غلط إنها سذاجة منك وابعد عن شلة المقاطيع لأنهم أخرهم التسول فقط ،
لكن أول ماهتنحط في موقف هتلاقيهم بيدوبوا زي الملح لأنهم مايعرفوش شئ عن العيش والملح ولا الجدعنة !! والصنف دا هيفضل طول حياته كدا مش هيتغير
لأن اللي طبعه راجل غير اللي شكله راجل بيكونوا ديكورات وزينة من برا بس وأول ناس هيحقدوا عليك ويغيروا منك !! وانتظروني كل حين والأخر بكتابة سعدنيات وذكريات بكل ماهو جميل وضئيل مابين الزمن الماضي والحاضر .
” سعدنيات وذكريات 1 ..
681 إجمالي المشاهدات
