مقالات ووجهات نظر

كلمة مطلقة من وجهة ونظر وزاوية مختلفة

كلمة مطلقة من وجهة ونظر وزاوية مختلفة

كلمة مطلقة من وجهة ونظر وزاوية مختلفة

الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون – ستراسبورغ فرنسا.

كلمة مطلقة من وجهة ونظر وزاوية مختلفة

مقدمة:

باتت المطلقة، هي الضلع الهش الحساس بالمجتمع عامة، وبالأسرة خاصة, الذي يختبئ عادة من المواجهة. خوفا من الأحكام المسبوقة والمقولبة أساسا من وجهة نظرة المجتمع الخاطئئة، فهي المتمردة على الحياة الزوجية، الأنانية المتكبرة في طريقتها، غير الحكيمة في تصرفاتها، المخطئة في رأيها ، والغير صائبة في قرارها وغيرها من الأحكام التي سبق تجهيزها وتوظيفها للتبرير، والتي تقف المطلقة عاجزة أمامها لإيجاد الوسيلة الأمثل للدفاع بها عن نفسها والأكثر نجاعة التي يجدر بها إستخدامها عند المواجهة لتغيير هذه الأحكام الجائرة المحطمة والقائلة لا درجة لا تطاق، فتختار عادة أن تصدق أو تتماشى مع هذه الأحكام على مضض, لتؤمن بها وتقنع نفسها بأنها فيها فعلا، أو تختار الصمت القاتل في غالب الأحيان ورفض التحدث والغوض في غماره، فأن يفك حصار الصمت لتبدأ المواجهة الشرسة من محيطها ومقربيها وهو الأمر الذي ليس يسيرا عليهاولا يرحمها مما يغقدها ويأزم نفسيتها و تدخل فيما لا يحمد لعقباها.

لأنها مطلّقة:

مطلقة.. كلمة لم تسثتن أي واحدة من النساء المنفصلات, ولم تفرق لا بين التي طلقت قهرا وتعسفا ولا التي طلقت تطليقا بسبب الضرر ولا وديا ولا من خلعت نفسها بتفسها و بحر إرادتها المطلقة سعيا لإسترجاع حريتها حسب رؤيتها.

كلمة مطلقة باتت السهم القاتل, السم المخترق لقلب الملقبة به بدون إستئذان، والرصاصة القاتلة لها، والكابوس المسلط عليها، وحبل الإعدام المتف حول رقبتها, الذي لا يرحم بسبب النظرة غير العادلة الموجهة لها من قبل المجتمع الذي لا يرحم ولا يقدر, بمن فيه أقرب الناس المقربين إليهن, سواء من أفراد العائلة او ذوي الأرحام .

كلمة مطلقة.

صفة. إسم و نعت بعلامة مسجلة وموثقة مؤرشفة، منقوشة وبتعريف دولي لا يختلف عليه إثنان ولا يتيه عنه أي أحد.

كلمة تعرف بها هاته الفئة المغلوبة على أمرها ولا ذنب لها إلا ما رحم ربي. في زمن باتت تعرف وتوصف وتنعت به من كل الفئات، من قريب ومن بعيد بدون إسثتناء ولا تسلم حتى من الصبية وغير المدركين لمعتى الكلمة ولا لضررها.

مطلقة كلمة مدوية قاتلة خانقة، مفقدة للوعي ومتلفة للأعصاب، أصبحت مدونة ببطاقة حياتها الشخصية وروتينها اليومي، وبأوراق حالتها المدنية، بداية من العائلية ومحيطها الأسري إلى المهنية والإجتماعية. والتي أصبحت هاجسا يؤرق حياتها وكابوسا يلاحق آلاف النساء بكل الأقطار العربية عامة والتي تتفاقم درجات خطورتها وكوارثها من بلد لآخر ومن مجتمع لآخر خاصة بالجزائر وبمنطقتنا المحافظة.

كلمة أصبحت تعاني من جرائها العديد من الفئات النسوية بمختلف أعمارهن ومستوياتهن وحالتهن المادية والإجتماعية، من حالة نفسية هستيرية صعبة للغاية جراء المضايقات والإستفزازات والأوضاع المزرية، وجملة المشاكل التي تتفاقم وتزداد كل يوم وباتت موضوع إهانة وتجريح ومساس بكرامتهن وشرفهن.وبسمعتهن وكأنهن إرتكبن جرم لا يغترف و حكم عليهن بالمؤبد والإعدام.

أصبحت الكثيرات منهن منبوذات من المجتمع، مرفوضات، مهمشات، وممنوعات من الزواج . غير مبرغوب فيهن بدون سبب يذكر وبدون مبرر، وبدون ذنب إرتكبن, لا لشيء إلا لأنهن مطلقات وغير مرغوب فيهن ولا يلتفت إليهن. محرم عليهن الحلال والتعفف والستر و التحصن، لكن مرغوبات كخليلات مطلوبات للمتعة والتمتع في الحرام, للمجون والليالي الحمراء والدعوة لسلك طريق الإنحراف والتشجيع عليه وعلى الرذيلة، وبمعنى أدق مكروهات منبوذات نهارا ولكن محبوبات مرغوبنا فيهن مطلوبات ليلا.

كلمة وإسم مطلقة كرهته معظم المطلقات وتسعى للتخلص منه ونفيه جملة وتفصيلا بكل الطرق والوسائل وشتى الطرق، منهن من تسرع في إعادة الزواج خاصة الفئات هشة السن ذوات العشرينيات والثلاثينيات، في غالب الأحيان بأي عريس كان حسب وجهة نظر بعضهن وتصريحاتهن، وبمفهومهن للزواج تطبيقا للمقولة الشعبية ظل راجل ولا ظل حائط. لا لشيء إلا لأجل محو وصمة هذا العار اللاصيق بهن وبأهلهن والمشوه لسمعتهن ومكانتهن والمدمر لحياتهن وحياة أطفالهن والتأثير على نفسيتهن وإجبار الكثير منهن على التشرد وجر البعض للإنحراف.

تتزوج المطلقة أيضا بأي كان لأجل إثبات مكانتها بين أوساط المجتمع وأفراد أسرتها لتبين من جهة بأنها ليست سيئة، ومن جهة لإقناع نفسها بأنوثتها ومكانتها، ومن جهة أخرى لإغاظة مطلقها والإثبات له بأنها مطلوبة ومرغوب فيها ويمكنها إعادة الزواج والعيش في سعادة وثبات دون حاجتها إليه، وأيضا وهذا هو الأهم لإسكات الأفواه المتشدقة المشوهة لها.

والكثيرات ممن رفضن هذا الطرح والفكرة التي لا تجلب لهن سوى التعاسة والمشاكل، لا سيما المتاعب النفسية والفكرية مما ينجم عنه فئة تعتبر نفسها سلعة وحقل تجارب للتذوق والاستمتاع بها و بجسدها، وفئة أخرى أقسمت وجزمت وحسمت أمرها ونذرت نفسها لخدمة نفسها وأهلها ومجتمعها بعدما جربت حظها ورضيت بنصبيها و “مكتوبها” حسب تصورها لأنها فقدت الثقة الكاملة في صنف الرجال وباتت لا تأمن لهم مهما كانت العقود والمواثيق والضمانات والإغراءات..

أما الفئة الناقمة، القلة القليلة من رضيت بالزواج لتكميم الأفواه وخرس الألسن كما سبق وأن ذكرت ولحاجة في نفس يعقوب، وفئة أخرى فضلت الإنتقام لنفسها ورد إعتبارها بطريقتها الخاصة وخوض بحر التجارب والمغامرات ولكل منهن وجهتها وتوجهها وتصورها والطريق الذي إختارته لنفسها دون إدراك ولا تميز، غير مبالية بالقيل والقال وضاربة بكل الأعراف والتقاليد عرض الحائط.

والفئة التي تعرف وتسمى بالمتحررة فضلت الهجرة على البقاء في هذا المحيط النتعفن الذي كدر عليها حياتها وهاجر إلى بلاد الحرية و الديمقراطية والتحرر من كل القيود والعيش بما تراه مناسبا وملائما لحياة الخاصة ومن تم الظفر بزوج حسب هواها وموصفاتها ومقاييسها ومعايرها وشروطها التس تراها مناسبة وتتماشى وما تطمح إليه حسب رأي الكثيرات ممن تحدتن إليهن وحاورنها من بيت العشرات ومن كل الفئات العمرية ومختلف المستويات سوءا المادية الإجتماعية والثقافية والتعليمية ولا تفرق أي منهن في الإحتيار ولا النفور المهم رجل وفقط.

وتبقى الفئة المحصورة بين إرضاء نفسها وأسرتها وإسكات مجتمعها بين المطرقة والسندان في حيرة من أمرها, أتقبل بالتسمية والوصف أم ترفضه وتصمت للأبد أو تدافع بطريقتها التي تراها الأصلح والأنسب.

أما الفئة المثقفة حسب رأيهن المتدينات الراضيات بالقضاء والقدر ومكتوبهن مفوضات أمرهن للمولى عز وجل هو صاحب الأمر من قبل ومن بعد. واللواتي هن غير مباليات ولا مكترثات للأمر ولا تفكرن فيه أصلا ولم تتأثرن به، وفئة المحظوظات اللواتي لقين الدعم النفسي والأسري والإحاطة والتكفل من أهلهن وذويهن ومحيطهن لا تبالي أصلا به.

موضوع شائك ويتطلب الكثير مما سببه وخلفه من تركة جد ثقيلة على مدار الأعوام في مجتمع لا يرحم ولا يقدر ولا يأبه بحالة أولئك المظلومات المهضومات الحقوق، المستغلات، المعرضات للعنف والتسلط والإستغلال، ناهيك عن المساومة والتحرش وما شابه ذلك بسبب النظرة السائدة والمفهوم الخاطئ من أقرب المقربين الذي زاد للطين بلة..

ناهيك عن باقي الأوساط المجتمعية التي ترى في المطلقة سهولة السيطرة وإغرائها للنيل منها وقت ما شاوؤا، خاصة ذوات الظروف المادية والمالية السيئة وحالة الفقر والعوز. كما أثبتته وبينته الإحصائيات والمعطيات بالأرقام من الدراسات والملفات المعروضة على أروقة المحاكم ومخافر الشرطة وباقي الجهات الإجتماعية، وما خفي كان أعظم وأثقل.

إن كلمة مطلقة ومطلقات إستفحلت ظاهرتها للعلن ولم تعد تلك الكلمة المحرمة من الطابوهات السابقة، بل أصبحت محل دراسات وندوات ومحاضرات وسلسلة دورات وتكوينات من طرف المختصين, لاسيما علماء النفس والإجتماع عامة ومرشدات السلك الديني نتيجة عدد من العوامل المترابطة بها، هاته الفئة خاصة بعد تجاوزهن مرحلة الإنفصال وحل حبل الإرتباط الذي كان يشدها ويحميها ويقيها من كل هذا.

إن هذا الوضع الذي تعيشه المطلقات من معاناة ومآس ومضايقات داخلية وخارجية والتي لا تعد ولا تحصى، أصبح لا يطاق ولا يحتمل ولابد من حل عاجل وسريع, عادل ومنصف, إن لم يكن جدريا فسيكون جزئيا بحول الله وإجتهادات أهل الإختصاص. والتخصص,

كانت هاته وجهة نظر، ودراسة حالات من أمهات القضايا المعروضة علينا والمعالجة من طرفنا ومن مناقشات صاحباتها ونظرتهن وإستشارتهن لحالتهن سواء النفسية أو الإجتماعية.

 

كلمة مطلقة من وجهة ونظر وزاوية مختلفة.

 

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى