أخبار عاجلة

زلزال مدمّر يقتل الآلاف وعقوبات دولية تحرم الآلاف من حقّ الحياة… 

كتبت الأديبة والباحثة السّوريّة/ راغده شفيق محمود

الحزن في الشوارع يمشي على قدمين ، وهو يستمع لشاب يرثي عائلته (جميعهم بخير إلا أنا) 

بعد حربٍ ضروس لسنوات حصدت آلاف الأرواح وهجّرت الآلاف والتهمت ملايين الأحلام يأتي غضب الطبيعة ومحاولة منها لتسوية قواعدها فأخرجت غضبها صرخة موجعة في قلوبنا، عند الساعة الرابعة والربع تقريباً من يوم الاثنين الواقع في السادس من شباط ٢٠٢٣ اهتزت الأرض وبدأ المنزل يتحرك للأمام والخلف لحظات مرعبة كانت الثريات تصطدم كراتها الكرستالية بقوة حاولت الوصول إلى مقبض الباب لعلّي ألقي نظرة على أطفالي في غرفهم تضرعت للخالق أن يساعدنا ولكن الأرض دفعتني للخلف ثمّ للأمام وكانت مسافة أمتار تختصر آلاف الأميال من الخوف والرعب أمام عظمة هذا الكوكب الكبير. صرخت على أطفالي الذين بدؤوا بالصراخ والبكاء لعلّهم يصلون إلى ملجأهم حضن أمهم الذي اعتقدوا أنه مكان النجاة. ما أصعبها من كلمات! طفلي الصغير الذي أخبرنا بأنه لا يريد أن يموت وطلب مني أن أمسك بيده ولا أتخلى عنه… دموعه وكلماته قتلتني قبل أن أموت تمنيت افتداءهم.. ليتني أمتلك جناحين لأحلق بهم بعيدا عن هذه الأرض المرعبة .. آه ما هذا الوداع القاسي وهذه الأرجوحة التي ركبنا بها قسرا، دقائق مرعبة توقفت الأرض واستكان غضبها وبدأت صرخات الجيران للخروج من المنزل في لحظات توقفت عقارب الزمن عن لسعنا دقائق تختصر أعمارنا، كائنات صغيرة أمام هذا العملاق لم نستطع التخلي عن التحديق في أعين أطفالنا الصغيرة الخائفة لأول مرّة لا نستطيع تحقيق أمنياتهم لأنها مشيئة الخالق الذي يهبنا هذه الودائع…

سؤال مخيف هل سنموتُ معا ونحن في بلد متنا مئات المرات بسبب البرد الذي افترسنا والجوع والفقر وقلّة الحيلة ونهب ثرواتنا تحت شعار حقوق الإنسان وتحقيق الحريات والإنسانية..

 نحن من قتلت قوانينكم عطر الأرجوان في قلوبنا… نحن من عاد إلى عصور حجرية نأكل أعشاب الأرضِ ونلتحف الريح غطاء…. قوانينكم الظالمة تركتني وأطفالي تحت الركام لساعات طويلة لأنّ الأيدي تعبت والحناجر جفت من الصرخات … قوانينكم جعلتنا نموت جياعا نرتجف من البرد وتتجمد الدماء في العروق… كيف سأخبر ولدي أن يحترم قوانينكم بل يحترمكم وأنتم من سرق ضحكته وقتل الحبّ في قلبه… أما آن لقانون قيصر الكاذب أن يُحرَق أما رقّت قلوبكم لهذه الطفولة البريئة التي تقتلون أحلامها… غضب الطبيعة توقف بعد دقائق شعرت الأرض بالذنب الذي ارتكبته اشفقت لجنين غادر رحم أمه المتوفاة ليصل إلى رحمها ويقول لها أنتِ أمي بكت لبكاء أب يبحث عن طفلته بيديه العاريتين.

أشفقتِ الأرضُ بعد دقائق، وأنتم يا أصحابَ حقوق الإنسان لم تشفقوا على هؤلاء بعد سنوات وسنوات ألم يحدثكم ضميركم يوما توقفوا ساعدوا هذا الطفل اليتيم.

آلاف المنازل هدمت آلاف العائلات بلا منزل في الساحات العامة والكنائس والجوامع لا أحد يسأل أحد عن دينه هي الإنسانية تحركهم فتبرع الفقير بنصف رغيفه ليطعم أخاه. ولكننا في هذه الكارثة نريد الدواء والمعدات لا نريد الطعام نحن لا نتسول نطلبُ من ضمائر الأحرار أن تنقذ ما تستطيع وتزرع الفرح والأمل في القلب المنكسرة والظهور المنحنية. واخيرا نقول لكم كما يقول أيّ إنسان كيفما تعامل الناس يعاملوك وكيفما تدين تدان. الشّكر لكلّ الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم لتضامنهم وسؤالهم عن أحوالنا ومساعدتهم في زرع المحبة والأمل في قلوب أطفالنا والرحمة لهذه الأرواح التي غادرت بسبب ضعف حالنا وتعب أجسادنا الضعيفة فلم نستطع انتشالها من تحت الركام بسبب حصار فرضه قانون ظالم .

الأديبة والباحثة السّوريّة راغده شفيق محمود

 1,100 إجمالي المشاهدات

عن Mostafa Ghanem

شاهد أيضاً

مقال × حدوته ولاد الجاحدة

مقال × حدوته ولاد الجاحدة  بقلم / هشــام ســطوحى ولاد الجاحدة هى روايتي الجديدة من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: