جريدة المساء العربي جريدة المساء العربي
مقالات مشابهة
بقلم/هشام سطوحي
اتصل الجد بحفيده وطلب منه توصيله الى مكان ما .. وفعلا حضر الحفيد الشاب بسيارته وأنطلق مسرعاً جداً وكان يتجاوز السيارات بطريقة كلها تهور وجنون واستهتار .. ومن وقت الى أخر كان ينظر الى جده يجده ملتزم الصمت ولم يعلق ولا حتى بتعبير على وجهه .. فيزيد أكثر من سرعته ظنا منه أن جده مستمتع وفخور بطريقة قيادته.
وأخيرا وصل الى المكان المراد .. بأبتسامه تحمل غرور نظر الى جده وكأنه ينتظر منه كلمات آشادة وإعجاب على طريقة قيادته المحترفه كما كان يظن.
ولكن بكل هدوء طلب منه جده أطفاء محرك السيارة والتركيز معه.
وسأل حفيده ما السبب الذي جعلهما يصلان بأمان وبدون أى حادث او مشكله ؟! .
بأندفاع وثقة مفرطه يخبره ربما بسبب طريقة قيادتى المحترفه ؟.
بسرعه وبحده قاطعه الجد وأخبره أن هذا غير صحيح أطلاقا .. السبب الحقيقي انهم وصلا الى هنا فقط لأن لا يزال لديهما رصيد ستر .. لم يفهم الحفيد مغزى كلام جده.
فبدأ الجد يشرح له بشكل مبسط ويخبره أن كل إنسان يأتى الى الحياه برصيد ستر أحياناً يكون رصيد ضخم واحيانا يكون رصيد قليل .. ولكن لكل إنسان رصيد محدد.
يا حفيدى حاول أن تحافظ على رصيدك من الستر في الحياة لأن من المؤكد سوف يأتى يوم وتحتاج له وللأسف لم تجده لأنه سوف يكون استهلك.
وإن رصيدك من الستر مرتبط معك في كل شيء تتعامل به في هذه الحياة .. تهمل في حياتك وصحتك وامانك وتظن انك قوي .. تظلم الناس بمنصبك أو نفوذك او مالك وتظن انه فهلوه وتفتيح دماغ وذكاء .. ولم تجد حساب .. فيهيئ لك أنك على صواب فتتمادى .. تسرق وتنصب وتختلس وتبرر لنفسك أن هذا أصبح أسلوب الحياة ولم تجد عقاب .. فتظن انك على حق .. ولكن هذا فقط بسبب أن لازال لديك رصيد من الستر .. ولكن من المؤكد والأكيد ان هذا الرصيد سوف يأتى وينتهى .
أنظر حولك يا حفيدى وسوف ترى وتكتشف نماذج كثيرة كانت تظن نفسها ستعيش حياتها تظلم وتفسد وتتجبر الى ما لا نهاية .. ولكن نفذ رصيد سترهم وتبخروا أو إنهاروا أو دمروا .
حافظ على رصيدك بقدر المستطاع ولو لديك القدرة على عدم استخدامه نهائياً فهذا جيد.
ولا تظن أن ماتفعله من اخطاء متعمده وإهمال في حياتك وظلم للعباد هو مستباح .. ولا تظن أن رصيدك بلا نهاية
سوف ياتى يوم ومهما كان ضخامة هذا الرصيد سوف ينتهى وتعاقب.
واذكركم وأذكر نفسي لو كنت تفعل هذه الأشياء ولم تجد حساب حتى الأن .. فأنت محظوظ ولازال لدينا رصيد .. ولكن لا أحد يعلم متى سينتهى وربما يكون الآن.
2,315 إجمالي المشاهدات
