الدكروري يكتب عن رسالة الثقفي إلي عبد الملك 

الدكروري يكتب عن رسالة الثقفي إلي عبد الملك 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن رسالة الثقفي إلي عبد الملك

لقد ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتاب السيرة النبوية الشريفة أنه لما بلغ الحجاج بن يوسف والي العراق ما كتب به الخليفة عبد الملك بن مروان إلى أهل العراق من عزل الحجاج إن رضوا به، وتولية محمد بن مروان عليهم، فقد شق عليه ذلك مشقة عظيمة جدا، وعظم شأن هذا الرأي عنده، وكتب إلى عبد الملك ” يا أمير المؤمنين، والله لئن أعطيت أهل العراق نزعي عنهم لا يلبثون إلا قليلا حتى يخالفوك ويسيروا إليك، ولا يزيدهم ذلك إلا جرأة عليك، ألم تر وتسمع بوثوب أهل العراق مع الأشتر النخعي على ابن عفان فلما سألهم، ما تريدون؟ قالوا نزع سعيد بن العاص، فلما نزعه لم تتم لهم السنة حتى ساروا إليه فقتلوه؟ وإن الحديد بالحديد يفلح، كان الله لك فيما ارتأيت، والسلام عليك”

 

قال، فأبى عبد الملك بن مروان، إلا عرض هذه الخصال على أهل العراق كما أمر، فتقدم عبد الله ومحمد ، فنادى عبد الله، يا معشر أهل العراق، أنا عبد الله ابن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وإنه يعرض عليكم كلامة هذا، فذكر ما كتب به أبوه معه إليهم من هذه الخصال، وقال محمد بن مروان، وأنا رسول أخي أمير المؤمنين إليكم بذلك، فقالوا ننظر في أمرنا غدا، ونرد عليكم الخبر عشية، ثم انصرفوا، فاجتمع جميع الأمراء إلى ابن الأشعث، فقام فيهم خطيبا، وندبهم إلى قبول ما عرض عليهم من عزل الحجاج عنهم، وبيعة عبد الملك بن مروان، وإبقاء الأعطيات، وإمرة محمد بن مروان على العراق بدل الحجاج بن يوسف، فنفر الناس من كل جانب، وقالوا لا والله لا نقبل ذلك.

 

نحن أكثر عددا وعددا، وهم في ضيق من الحال، وقد حكمنا عليهم وذلوا لنا، والله لا نجيب إلى ذلك أبدا، ثم جددوا خلع عبد الملك بن مروان ثانية، واتفقوا على ذلك كلهم، فلما بلغ عبد الله بن عبد الملك وعمه محمد بن مروان الخبر قالا للحجاج بن يوسف، شأنك بهم إذن، فنحن في طاعتك كما أمرنا أمير المؤمنين، فكانا إذا لقياه سلما عليه بالإمرة، ويسلم هو أيضا عليهم بالإمرة، وتولى الحجاج أمر الحرب وتدبيرها، كما كان قبل ذلك، فعند ذلك برز كل من الفريقين للقتال والحرب، فجعل الحجاج بن يوسف، على ميمنته عبد الرحمن بن سليمان الكلبي، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي، وعلى الخيل سفيان بن الأبرد، وعلى الرجالة عبد الرحمن بن حبيب الحكمي.

 

وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجاج بن حارثة الخثعمي، وعلى الميسرة الأبرد بن قرة التميمي، وعلى الخيالة عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة، وعلى الرجالة محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وعلى القراء جبلة بن زحر بن قيس الجعفي، وكان في القراء سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وكميل بن زياد، وكان شجاعا فاتكا على كبر سنه، وأبو البختري الطائي وغيرهم، وجعلوا يقتتلون في كل يوم، وأهل العراق تأتيهم الميرة من الرساتيق والأقاليم، من العلف والطعام وغيره، وأما أهل الشام الذين مع الحجاج بن يوسف ففي ضيق من العيش، وقلة من الطعام، وقد فقدوا اللحم بالكلية فلا يجدونه، وما زالت الحرب في هذه المدة كلها، حتى انسلخت هذه السنة وهم على حالهم وقتالهم في كل يوم، أو يوم بعد يوم، والدائرة لأهل العراق على أهل الشام في أكثر الأيام.

 

الدكروري يكتب عن رسالة الثقفي إلي عبد الملك

 1,142 إجمالي المشاهدات

عن هند معز

شاهد أيضاً

غاوي علم: “العادات الذرية” بقلم: د. ثناء خلف الله العمدة

غاوي علم: “العادات الذرية” بقلم: د. ثناء خلف الله العمدة رحلة نحو التغيير الإيجابي مؤخراً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: