أخبار عاجلة

فاتح افريقيا القائد عقبة بن نافع

فاتح افريقيا القائد عقبة بن نافع

فاتح افريقيا القائد عقبة بن نافع

فاتح افريقيا القائد عقبة بن نافع

كتب:  وائل عادل الغرباوي

 

عقبة بن نافع الفهري القرشي (قبيل 8 هـ أو 10 هـ – 63 هـ) هو تابعي وقائد عسكري من أبرز قادة الفتح الإسلامي للمغرب في عهد الخلافة الراشدة ثم الدولة الأموية، ووالي إفريقية مرتين (47–55هـ) و (62-63هـ) في عهدي معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية. يُلقَّب بفاتح إفريقية.

 

ولد عقبة في بني فهر بن مالك من قبيلة قريش في مكة على عهد النبي محمد، لكن لم ير النبي ولم يسمع منه. فهو معدود من التابعين. شارك عقبة في الفتح الإسلامي لمصر، وسكن بها، ثم في فتح برقة، وزويلة والواحات، ثم ولاه عمرو بن العاص على برقة والمناطق التي افتتحها. وفي ولاية عبد الله بن سعد بن أبي السرح شارك عقبة في فتح سبيطلة. وبعدها عاد عقبة إلى مصر سنة 28 هـ وظل بمصر مدة ثلاث عشرة سنة حتى 41 هـ، وفي سنة 47 هـ ولاه معاوية بن حديج والي مصر على ولاية حرب إفريقية، وفي سنة 50 هـ فصل معاوية بن أبي سفيان ولاية إفريقية عن ولاية مصر، وولى على إفريقية عقبة بن نافع؛ فافتتح سرت وجرمة وقصطيلية ومجانة. وأمر ببناء القيروان لتكون معسكرًا لرباط المسلمين، واستمر بناؤها من سنة 51 هـ إلى سنة 55 هـ، وبنى بها المسجد الأعظم المعروف اليوم بجامع عقبة بن نافع.

 

عُزلّ عقبة عن إفريقية سنة 55 هـ، ووُلّيَ أبو المهاجر دينار عليها، فأساء إلى عقبة واعتقله وسجنه وألبسه الحديد حتى أتاه كتابٌ من معاوية بتخلية سبيله وإرساله إليه، فسار عقبة إلى دمشق، وظل بها حتى وفاة معاوية. ثم ولاه يزيد بن معاوية مرة أخرى على إفريقية سنة 62 هـ، فدخلها وافتتح الجريد وتاهرت، وقاتل أوربة فهرب زعيمهم كسيلة. وصالح يُليان حاكم طنجة وسبتة، ثم افتتح السوس الأدنى والسوس الأقصى حتى وصل إلى المحيط. وفي طريق العودة صرف عقبة جل عساكره إلى القيروان، وبقي معه حوالي 300 رجل فقط، فاستغل كسيلة ذلك، وحشد جيشًا قوامه خمسون ألف مقاتلٍ تقريبًا، والتقى مع عقبة وأصحابه، فقتل عقبة وأبو المهاجر وأغلب الجيش، ووقع في الأسر قلة منهم.

 

تأسيس مدينة القيروان. 

جامع عقبة بن نافع أشهر مساجد القيروان.

لم يكن عقبة بن نافع قائداً عسكرياً محضاً فقط، بل كان صاحب عقلية مبدعة وفكر استراتيجي فذ وهو يصح أن يطلق عليه خبير بشئون المغرب والشمال الأفريقي، ومن خلال حملاته الجهادية المستمرة على الشمال الأفريقي، أدرك أهمية بناء مدينة إسلامية في هذه البقاع وذلك لعدة أسباب من أهمها :-

1. تثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية هناك وذلك أن عقبة قد لاحظ أمراً هاماً أن أهل الشمال الأفريقي إذا جاءهم المسلمون يظهرون الإسلام وإذا انصرفوا عنهم رجعوا مرة أخرى إلى الكفر، فكان بناء مدينة إسلامية خير علاج لهذه الظاهرة الناجمة عن غياب قاعدة إسلامية ثابتة للإسلام لنشر الهدى والنور وسط ظلمات البربر.

2. ضرورة تكوين قاعدة حربية ثابتة في مواجهة التهديدات الرومية المتوقعة بعد فتح الشمال الأفريقي .

3. أن تكون هذه المدينة دار عزة ومنعة للمسلمين الفاتحين، ذلك لأنهم تفرقوا في البلاد كحاميات على المدن المفتوحة، وهذا التفرق قد يورث الضعف والوهن مع مرور الوقت خاصة لو دهم عدو كبير العدد هذه البلاد.

 

لهذه الأسباب وغيرها قرر ‘عقبة بن نافع’ بناء مدينة القيروان في القرن الشمالي لإفريقية في مكان تتوافر فيه شروط الأمن الدعوي والحركي للمسلمين بحيث تكون دار عزة ومنعة وقاعدة حربية أمامية في القتال، ومنارة دعوية علمية لنشر الإسلام، وانطبقت كل الشروط المطلوب توافرها في منطقة أحراش مليئة بالوحوش والحيات، فقال له رجاله: “إنك أمرتنا بالبناء في شعاب وغياض لا ترام، ونحن نخاف من السباع والحيّات وغير ذلك من دواب الأرض”، وكان في عسكره خمسة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمعهم وقال “إني داع فأمّنوا”، وبالفعل دعا الله عز وجل طويلاً والصحابة والناس يأمّنون، ثم قال عقبة مخاطباً سكان الوادي: “أيتها الحيّات والسباع، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتحلوا عنا فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه”.

 

فحدثت بعدها كرامة هائلة حيث خرجت السباع من الأحراش تحمل أشبالها والذئب يحمل جروه، والحيّات تحمل أولادها، في مشهد لا يرى مثله في التاريخ، فنادى عقبة في الناس: “كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا” وهكذا يصل الإيمان والثقة بالله عز وجل لهذا المستوى الفائق من اليقين بنصرة الله عز وجل وتأييده ومدده، فهذا هو البطل المجاهد يصل به الإيمان والكرامة لئن يتكلم مع الحيوانات البهائم التي لا تعقل ولا تفهم، فيطيعونه ويسمعون أوامره، وهكذا يصبح الكون كله ومن فيه مسخراً لخدمة المجاهدين وغايتهم السامية.

 

استمر بناء مدينة القيروان قرابة الخمس سنوات، حتى أصبحت القيروان درة المغرب، وشيّد ‘عقبة’ بها جامعاً كبيراً أصبح منارة العلم وقبلة طلاب العلم والشريعة من كل مكان، وملتقى للدعاة والعلماء والمجاهدين، بعدما انتهى عقبة بن نافع من بناء القيروان ومسجدها الجامع، جاءه الأمر الخليفي بالتنحّي عن ولاية إفريقية، وتولية رجل من جنود عقبة اسمه أبو المهاجر بن دينار وهو رجل مشهور بالكفاءة وحسن القيادة. فما كان رد فعل القائد المظفر الذي فتح معظم الشمال الأفريقي وحقق بطولات فائقة عندما جاءه خبر العزل إلا أن امتثل فوراً للأمر وانتظم في سلك الجندية.

 

استطاع أبو المهاجر القائد الجديد أن يحقق عدة مكاسب إستراتيجية في الشمال الأفريقي على حساب التواجد الرومي بهذه المناطق، واستطاع أيضاً، يستميل زعيم قبائل البربر كسيلة بن لمزم وكان كسيلة شديد التأثير على قومه، قوى الشخصية، محبوباً في قومه، مطاعاً منهم، وكان نصرانياً متمسكاً بدينه وكان نجاح أبي المهاجر في إقناعه بالإسلام مكسباً كبيراً للإسلام والمسلمين، ولكن القائد المحنك عقبة صاحب النظرة الثاقبة الخبيرة بطبائع البربر، لم يطمئن لإسلام ‘كسيلة’ خاصة وأنه قد أسلم بعد وقوعه في أسر المسلمين وبعدما ذاق حر سيوفهم.

 

لم يمض كثيراً من الوقت حتى عاد الأسد الضاري عقبة بن نافع إلى قيادة الجهاد ببلاد المغرب وانتقل أبو المهاجر في صفوف الجنود مجاهداً مخلصاً. قرر عقبة بن نافع استئناف مسيرة الفتح الإسلامي من حيث انتهى أبو المهاجر، وكانت مدينة ‘طنجة’ هي أخر محطات الفتح أيام أبي المهاجر، وهنا أشار أبو المهاجر على عقبة ألا يدخل مدينة طنجة لأن ‘كسيلة’ زعيم البربر قد أسلم، ولكن عقبة كان يشك في نوايا وصحة إسلام كسيلة، فقرر الانطلاق لمواصلة الجهاد مروراً بطنجة وما حولها، خاصة وأن للروم حاميات كثيرة في المغرب الأوسط. 

 

مقتل عقبة:

 

لما بلغ عقبة مدينة طبنة، صرف اغلب عساكره إلى القيروان حتى بقي في قلةٍ من جنده، يقدر عددهم بحوالي 300 رجل فقط، معظمهم من الصحابة والتابعين. فاستغل كسيلة ذلك للثأر من المسلمين، واتصل بالروم والفرنجة وحشد منهم ومن قبائل البربر غير المسلمة جيشًا قوامه خمسون ألف مقاتلٍ تقريبًا، واعترض عقبة ومن معه عند تهودة في الزاب جنوب جبال الأوراس. فلما رأى عقبة جيش العدو أيقن بالنهاية، فأخلى سبيل أبي المهاجر وطلب منه الانصراف إلى المشرق، وكذلك من المسلمين الذين يرغبون في العودة، وصمم هو على أن يقتل في سبيل الله. لكن أبا المهاجر رفض وأفراد الجيش، بل أن أبا المهاجر رفض أن تفك قيوده كي لا يغرى بالانسحاب، ونزل هو والجنود عن خيولهم وكسروا أغماد سيوفهم كي لا تعاد فيها. وسرعان ما اشتبك عقبة ورجاله مع جيش كسيلة في معركةٍ غير متكافئة، فقتل عقبة وأبو المهاجر وأغلب الجيش، ووقع في الأسر قلة منهم محمد بن أوس الأنصاري ويزيد بن خلف العبسي، افتداهم ابن مصاد البربري المسلم صاحب قفصة، وأرسلهم إلى زهير بن قيس البلوي نائب عقبة على القيروان.

 

المراجع:

4. بن الأثير الجزري؛ المحقق: علي محمد معوض – عادل أحمد عبد الموجود (1415هـ – 1994 م). “أسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4”. المكتبة الشاملة. دار الكتب العلمية. ص. 57. مؤرشف من الأصل في 2021-04-02. اطلع عليه بتاريخ 2021-04-02.

5. ^ جمهرة أنساب العرب، فصل: ولد فهر بن مالك بن النضر لابن حزم على ويكي مصدر.

فاتح افريقيا القائد عقبة بن نافع

 1,021 إجمالي المشاهدات

عن اميرة عطالله

شاهد أيضاً

قَصِيدَةُ إِرْجَعَ يَازِمَانَ

قَصِيدَةُ إِرْجَعَ يَازِمَانَ لِلشَّاعِرِ مُحَمَّدْيُوسُفَ مَنْدُور قَصِيدَةُ إِرْجَعَ يَازِمَانَ الْبُيُوتُ كَانَتْ مَبْنِيَّةً بِالطُّوبِ النِّيِّ …وَلِاسَرَامِيكَ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: