جريدة المساء العربي جريدة المساء العربي
مقالات مشابهة
بقلم/ هشام سطوحى
من المشاهد التى لا أستطيع محوها من ذاكرتى وأنا صغير كنت مع أبي في زيارة لقريتنا مسقط رأسي وأثناء تجولنا في القرية رأينا ابن يجرى خلف والده ويحاول ضربه بعصاه والأب يصرخ مهرولا أمامه .
نعم الابن هو الذي يحاول ضرب والده !.
وكانت بنسبة لي صدمة مريبة .. كيف يتجرأ الابن على فعل هذا مهما كانت الأسباب والدوافع ؟! .. ونظرت الى أبي رأيته في حالة ذهول ممزوجة بأبتسامه و سخرية غريبة.
وبكل آسي اخبرنى أنه رأى نفس المشهد طبق الأصل منذ عشرين عام ولكن الأب الآن كان في الماضي هو الابن الذي يجرى خلف أباه بعصاه ويحاول أن يفتك به .
واقعة أخرى كنت في أحد المجالس العرفية بسبب خلاف بين أخوة على الميراث .. عندما سأل الأخ المستولي على كل الميراث .. لماذا لا تريد رد حق أخواتك في ميراثهم الشرعى ؟!.
أخبرنا وبكل اطمئنان وكأنه شئ طبيعي وعادى .. أنا أفعل مثل ما فعل أبي مع أعمامى بالضبط .
أسمع كلمات منكم .
الخير لا يبلى والشر لا يُنسي والديان لا يموت.
وأنا معكم أردد هذه الجمل ومؤمن بها تماماً .
ولكن لماذا نستسلم لچينات الشر والجحود الموجودة داخلنا .. حتى لو كانت صحيحة لماذا لا نقطع السلسال المستمر من الصفات المشينه الضالة .. حتى لو بداخلك رغبة دفينه للأنتقام والجحود أو عقوق الوالدين لماذا لا تنتصر عليها وتقاومها وتقطع امتدادها وتغير وجهاتها إلى التسامح وبر الوالدين والود والأخوة .
لأن وبكل تأكيد إذا استسلمت لرغباتك وميولك وچيناتك الشريرة سوف يأتى يوم والقادم من نسلك سيفعل بك ما لا ترضاه ولا تتمناه .
لماذا لا نغير بوصلة الشر الى الخير ونقاوم الچينات الوراثية الخبيثة الموجودة داخلنا ونجعلها چينات حميدة سويا .
ولا تعتقد أنك على حق مهما كانت الأسباب والظروف .. وأنك كنت مجبر على دهس صلة الرحم وأنك معزور في سواد وغلظة قلبك لأنه إرث من أسلافك .
أعرف أشخاص بالفعل قطعوا سلسال الشر والجحود واستبدلوها بالخير والمودة والرحمة .
هابيل مات قتيل ونحن من نسل قابيل القاتل وبرغم هذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيظل الخير في أمتي الى يوم الدين .. وكأن هذا الحديث يدلك على التمسك بالرحمة والتسامح
وأعلم أن الله سبحانه وتعالى مهما انزل في آياته الكريمة من براهين وأدلة عن الشر لا ينسى والديان لا يموت .
أنك لن تحاسب على عقوقك وغلظة قلبك بحجة أن والدك مثلاً كان يمتاز بهذه الصفات .. فأنبهك أنك مهما كانت تربيتك وظروفك سوف تحاسب على ما فعلت أنت وليس غيرك وبدون أي أعذار وحجج لك .. وستحاسب على السلسال الذي تركته خلفك وما زال چينات الشر تجرى في عروقه .
2,878 إجمالي المشاهدات
