صيانة المال العام في العهد النبوي

صيانة المال العام في العهد النبوي

صيانة المال العام في العهد النبوي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

صيانة المال العام في العهد النبوي

اليوم الأحد الموافق 31 ديسمبر

الحمد لله خلق الخلق وبالعدل حكم مرتجى العفو ومألوه الأمم كل شيء شاءه رب الورى نافذ الأمر به جف القلم، لك الحمد ربي من ذا الذي يستحق الحمد إن طرقت طوارق الخير تبدي صنع خافيه إليك يا رب كل الكون خاشعة ترجو نوالك فيضا من يدانيه وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أسلم له من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن المال العام أعظم خطرا من المال الخاص الذي يمتلكه أفراد أو هيئات محددة، ذلك لأن المال العام ملك الأمة وهو ما اصطلح الناس على تسميته مال الدولة ويدخل فيه الأرض التي لا يمتلكها الأشخاص.

والمرافق، والمعاهد والمدارس، والمستشفيات، والجامعات غير الخاصة، وكل هذا مال عام يجب المحافظة عليه، ومن هنا تأتي خطورة هذا المال، فالسارق له سارق للأمة لا لفرد بعينه، فإذا كان سارق فرد محدد مجرما تقطع يده إن كان المسروق من حرز وبلغ ربع دينار فصاعدا، فكيف بمن يسرق الأمة ويبدد ثرواتها أو ينهبها؟ وكيف تكون صورته في الدنيا وعقوبته في الآخرة ؟ وما أجمل هذه الصورة التي حدثت مع أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه حيث دخلت عليه ذات يوم عمته تطلب زيادة على راتبها من بيت مال المسلمين، وإذا به يأكل عدسا وبصلا، فلما كلمته في شأنها، قام عن طعامه وجاء بدراهم من فضة ووضعها على النار، ثم وضعها فى كيس، وقال لها خذي هذه الزيادة.

فما إن قبضت عليه حتى طرحته أرضا لاحتراق يدها من شدة الحرارة، وكاد يغشى عليها، وقال لها عمر رضى الله عنه يا عمتاه إذا كان هذا حالك مع نار الدنيا، فكيف بنار الآخرة؟ وما أنا إلا عبد استودعه الله على خلق من خلقه، وخازن لبيت مال المسلمين أسأل عن كل درهم فيه يوم القيامة، فكيف يكون حالي في ذلك اليوم إذا أنا أعطيتك درهما واحدا على باقي الرعية؟” ومن تلك الصور ما رواه عبدالله بن عمر قائلا اشتريت إبلا أنجعتها الحمى، فلما سمنت قدمت بها، قال فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا فقال لمن هذه الإبل؟ قيل لعبدالله بن عمر، قال فجعل يقول يا عبدالله بن عمر بخ بخ، ابن أمير المؤمنين، قال ما هذه الإبل؟ قال قلت إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى أبتغي ما يبتغي المسلمون.

قال فيقولون ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، يا عبد الله ابن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين، ومن ذلك قصة عاتكة زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما والمسك، فقد قدم على عمر مسك وعنبر من البحرين فقال عمر والله لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك، قال لا، قالت لم؟ قال إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا وأدخل أصابعه في صدغيه وتمسحي به عنقك فأصيب فضلا على المسلمين، فهذا مثل من ورع أمير المؤمنين عمر واحتياطه البالغ لأمر دينه، فقد أبى على امرأته أن تتولى قسمة ذلك الطيب.

حتى لا تمسح عنقها منه فيكون قد أصاب شيئا من مال المسلمين، وهذه الدقة المتناهية في ملاحظة الاحتمالات أعطاها الله لأوليائه السابقين إلى الخيرات، وجعلها لهم فرقانا يفرقون به بين الحلال والحرام والحق والباطل، بينما تفوت هذه الملاحظات على الذين لم يشغلوا تفكيرهم بحماية أنفسهم من المخالفات.

صيانة المال العام في العهد النبوي

 432 إجمالي المشاهدات

عن هند معز

شاهد أيضاً

جنون الترند والمال والشهرة

جنون الترند والمال والشهرة    بقلم / محمود خالد     مع تقدم تكنولوجيا الهواتف والتطبيقات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: