مقالات ووجهات نظر

الشفاعة بالقرآن

الشفاعة بالقرآن

الشفاعة بالقرآن

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الشفاعة بالقرآن

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، ثم أما بعد من أراد الشفاعة فبالقرآن فقال صلي الله عليه وسلم “يأتي القرآن شفيعا لأصحابه، تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهم” وبالجملة من أراد الخير كله ففي التمسك والعمل بالقرآن، ومن أراد الشر كله فبالإعراض عنه، فيا من يشتكون من عدم إستقرار البيوت عليكم بالقرآن، ويا من يشتكون من القلق والوساوس عليكم بالقرآن، وما من يشتكون من ضعف الإيمان عليكم بالقرآن، فأحيوا بالقرآن ليلكم، واستعذبوا ألفاظه، وتأملوا إتقانه، وقوموا به مع القائمين، واصبروا أنفسكم على صلاة التراويح والقيام.

فقال صلي الله عليه وسلم ” من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ” البخاري ومسلم، فلا تستطل ساعة تقفها بين يدي مولاك، وجاهد هواك، فإن المأسور من أسره هواه، والمحروم من أبعده مولاه، والجهاد طريق الفلاح، وفي الحديث الشريف يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف” وإن للقرآن آداب عند قراءته، فمن ذلك هو الإخلاص، فيجب على قارئ القرآن أن يخلص في قراءته ويبتغي بذلك وجه الله، وفي الصحيح يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن أول من يُقضى عليه يوم القيامة ثلاثة” وذكر منهم “ورجل تعلّم العلم وعلّمه وقرأ القرآن فأُتي به فعرّفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟

قال تعلّمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار” وكما ينبغي لقارئ القرآن الكريم أن يتنظف ويتطهر ويستاك، وأن يبدأ القارئ قراءته بالإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وذلك لأنها طهارة للفم من اللغو والرفث، أما إذا كان القارئ سيقرأ سورة من بدايتها فليقل بعد الاستعاذة بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يحسّن القارئ صوته بقراءة القرآن، وأيضا التخشع أثناء القراءة والتدبر لما يقرأ الإنسان، فلا ينبغي للقارئ أن يقرأ كتاب ربه عز وجل وهو على حال لا تدل على خشوعه أو تأثره، أو كأنه يقرأ صحيفة أو مجلة، وإذا كانت حال الصخور الصماء أنها تخشع وتتصدع لو أُنزل عليها القرآن، فقل لي بربك يا محبّ ما حال قلوبنا مع كتاب ربنا؟

وكم مرة قرأنا القرآن في رمضان؟ وكم سمعنا فيه من حكم ومواعظ وعبر؟ ألم نقرأ صيحة عاد وصاعقة ثمود وخسف قوم لوط؟ ألم نقرأ الحاقة والزلزلة والقارعة وإذا الشمس كورت؟ فيا سبحان الله ما هذا الرّان الذي على القلوب؟ أفقدّت قلوبنا بعد ذلك من حجر؟ ألا فليت شعري أين القلب الذي يخشع والعين التي تدمع؟ فلله كم صار بعضها للغفلة مرتعا وللأنس والقربة خرابا بلقعا وحينئذ لا الشباب منا ينتهي عن الصبوة، ولا الكبير فينا يلتحق بالصفوة، بل قد فرطنا في كتاب ربنا في الخلوة والجلوة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فإن القرآن عزّكم وشرفكم، فاقرؤوه حق قراءته، تغنموا وتسعدوا وتفوزوا بالثواب الكبير والنعيم المقيم، وإنه لما تركت الأمة العمل بالقرآن أصابها الذل والهوان، فعلى المسلم أن يقرأ القرآن ويستحضر أن القرآن يخاطبه.

وأنه المقصود بالخطاب، ويقرأ بتلاوة مجوّدة، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال له إني أقرأ المفصّل في ركعة واحدة، فقال عبد الله ” هذا كهذ الشعر؟ إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع” وذكر شعبة رحمه الله أن أبا جمرة قال لابن عباس إني رجل سريع القراءة، وربما قرأت القرآن في ليلة مرة أو مرتين، فقال ابن عباس رضي الله عنهما لأن أقرأ سورة واحدة أحب إليّ من أن أفعل ذلك الذي تفعل، فإن كنت فاعلا ولا بد فاقرأ قراءة تسمعها أذنيك ويعيها قلبك” قال النبي صلي الله عليه وسلم ” لا يفقه مَن قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث” وذكر ابن رجب رحمه الله أن هذا النهي في غير الأوقات الفاضلة كرمضان،

وهنا أمر لا بد من التنبيه عليه، ألا وهو أن لا يكون همّ المؤمن في قراءة القرآن تكثير الختمات، بل ينبغي للمسلم الموفق أن لا يجفو فيمضي عليه الشهر والشهرين والثلاثة بل والعام ولم يختم كتاب الله، وأن لا يغلو فيتعدى هدي النبي صلي الله عليه وسلم.

 

الشفاعة بالقرآن

Loading

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى