توقيع كتاب بين البعد الثقافي و البعد التجاري
بقلم الكاتبة/ سعاد ثقيف
توقيع الكتب حيز زمكاني في عالم الأدب، تتقاطع فيه التجارة والثقافة، و تتلاشى حدود الفن وريادة الأعمال، و تأخذ الكلمة المكتوبة بعدا كبيرا من الأهمية.
يعتبر توقيع الكتب صناعة مزدهرة تطورت بشكل ملحوظ على مر السنين، مما أدى إلى سد الفجوة بين التجارة والثقافة. و تحول من لقاء متواضع بين المؤلف والقارئ إلى ظاهرة ثقافية نابضة بالحياة، و عملا مربحا، حيث يستفيد المؤلفون والناشرون والمكتبات على حد سواء من فرصة التواصل مع القراء والترويج لأعمالهم. و ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة نمو صناعة توقيع الكتب، مما سمح للمؤلفين بالوصول إلى جمهور أوسع وخلق ضجة حول كتبهم. و نسج خيوط الإبداع في تجربة مشتركة بين الثقافة والمجتمع والتجارة معا. فأصبح توقيع الكتب جزءا لا يتجزأ من المشهد الأدبي. و احتفالا بالكلمة المكتوبة، واعترافا بالارتباط العاطفي بين المؤلفين والقراء، و رمز لإنتقال المعرفة والأفكار من جيل إلى جيل، علاوة على ذلك، أصبحت توقيعات الكتب شهادة على الجاذبية الدائمة للكتب الورقية، لأنه يوفر تجربة ملموسة في عصرنا الرقمي.
و يجدر بالذكر أن هذه الاحتفالات ظهرت أولا في أوروبا، ثم انتقلت إلى العالم العربي عبر مصر، وذلك منذ أكثر من نصف قرن، عندما كانت مصر تشهد حراكا ثقافيا كبيرا ليس فقط لوجود أهم وأشهر الكتاب، الذين عرفهم الوطن العربي في تلك الفترة، ولما كان يدور بينهم من سجال فكري وثقافي، ولكن لأن المجتمع ذاته كان مقبلا على القراءة والثقافة، وتشغله القضايا الفكرية والثقافية.
و استمر توقيع الكتب إلى اليوم كأحد الطقوس الثقافية التي لا تنفصل عن أجواء ومقدمات معظم الإصدارات الثقافية الجديدة، ومحطة لالتقاء الأهل والأصدقاء. و تبادل حميمي بين المؤلف والقارئ.
إن الطاقة الجماعية لمحبي الكتب والمؤلفين والناشرين الذين يجتمعون معا للاحتفال بمتعة القراءة . تجعل من توقيع الكتاب حدثا ناجحا. و يصبح توقيع المؤلف على الصفحة الاولى من الكتاب أكثر من مجرد زخرفة على الصفحة إنه رمز للتواصل، واحتفال بالقوة الدائمة للكلمة المكتوبة.
